الرسالة الحادية والعشرون
في رسالتي السابقة ما رست معك طريقة بعض الأفلام فيما يُسمى بتقينة (الفلاش باك) أي الرجوع إلى الماضي لإيصال المشاهد إلى الحاضر … فبعد إنتهاء العيد والذي كان عبارة عن يوم واحد ولحسن حظنا تبعه يومي الإجازة الأسبوعية عدنا إلى سابق عهدنا … تلاحظ أنني منذ فترة لم أتحدث لك كثيراً عن منصور وعصام زملائي في السكن ، وذلك لأن كل منا له عالمه الخاص في المذاكرة ، وفي الدراسه ولهذا تجد أننا في نفس السكن وكأننا لسنا مع بعض … ندرس كثيراً ونتنزه قليلاً جداً وحتى السيارة التي أشتريناها سوياً لم تعد لها الكثير من الإستخدامات لأن وقت ذهابنا إلى الدراسة مختلف ، ولهذا فإن عصام هو الذي يستخدم السيارة غالباً حيث أنه بدأ دراسته الجامعية ومحاضراته تختلف عن وقت ذهابنا أنا ومنصور إلى المعهد ولهذا أحياناً إذا كانت محاضراته صباحاً نذهب معه وإن كانت مسائية نتركه في البيت ونستخدم المواصلات العامة للذهاب وفي بعض الأحيان عند إنتهاءه من محاضراته يأتي إلينا في المكتبة ونعود سوياً إلى السكن … وهذا هو تقريباً برنامجنا اليومي ، كل واحد فينا أتبع الأسلوب الأمثل والمناسب له للتاقلم مع جوه الدراسي وتحقيق هدفه .. ولأن عصام سبقنا في الحصول على قبول جامعي سأتحدث معك لاحقاً عن كيفية تقديم الطلبات إلى الجامعات وكذلك إختيار التخصص المناسب إن لم يكن الطالب على دراية حقيقة عن توجهاته الدراسية … وإنما دعني هنا أحدثك عن إستعدادي للتوفل مرة أخرى ، فبعد إشتراكي في موقع التوفل أصبحت بشكل يومي أقضي ما لا يقل عن ساعة أو ساعتين في التنقل بين إختبارات التوفل ، والتعليمات ، والقراءة في كتاب التوفل الذي أشتريته وكذلك مشاهدة وسماع بعض الشروحات من خلال تلفزيون التوفل والسي دي المرافق للكتاب … لقد جعلت لنفسي سقفاً أعلى من المطلوب في جميع الجامعات … فقررت أن أحصل على 85 في التوفل ، وبإذن الله سأحصل عليها ، لا تسألني لماذا 85 وثمانين ، فقط فكرت في أن الدرجة المطلوبة في معظم الجامعات هي 75 ، ولهذا قررت أن أضع لنفسي رقماً مشجعاً ، وبما أن العقل كما وضحت لك سابقاً لا يفرق بين الحقيقة والخيال فسوف ينظر إلى 85 بأنها حقيقة ويتولد لدي شعور داخلي بأن الحصول على هذه الدرجة ممكن من حيث الواقع فينتج عنه سلوك يجعل الدراسة للتوفل بسيطة وميسرة … كل هذا أستفدته من كلمات أبو عبدالله ، وأيضاً من خلال سماعي لبعض المحاضرات في اليوتيوب … تلاحظ أنني بدأت أتوجه إلى نوع من الفلسفة الدراسية من غير قصد وإنما هذا هو الواقع الذي ألزمت نفسي بالتعود عليه .. فالنفس البشرية كما يعودها صاحبها تتعود ، وقد قيل قديما شعراً لا أدري من قائله : والنفس كالطفل إن تهمله شب على *** حب الرضاع ، وإن تفطمه ينفطم .. فقائل هذا البيت لديه دراية بعلم النفس الحديث والذي ينسبونه إلى فرويد وجماعته مع العلم أنه موجود في تراثنا وإنما لم يُنظر إليه بهذه الطريقة … لقد عودت نفسي على الدراسة الذاتية بدون أي ضغوط من أب أو أم أو مُدرسين فجعلت الدافع والمحرك الأساسي لدراستي هو شعور داخلي بأهمية ما أنا فيه ولهذا أقدمت عليه بكل جد وإجتهاد وتضحيه من غير ملل أو كلل أو شعور بالتعب ، على قولة اليابانين في فلسفة (كايزن KAIZEN) “بحث عن الكمال لا يعرف الكلل” مع أن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى إلا أن التطلع دائماً للأفضل سمة حسنة ، “كايزن” هي كلمة يابانية ليس ليها مرادف في اللغة العربية أو أي لغة أخرى ، وإنما تُرجمت على أن معناها ( التطوير أو التحسين المستمر) ، أي ليس هناك قمة وإنما قمم متتالية كلمنا وصلنا إلى أعلاها نجد أن علينا أشياء أخرى لا بد أن تتم … سأحدثك عن ذلك في رسالة قادمة إن إستطعت … فالحمد لله رب العالمين الذي أنار لي طريقي وجزا الله والدتي ووالدي خيراً ، فكل مرة أتصل بهما أسمع منهما كلمات الدعاء التي يعجز لساني أن يأتي بمثلها مما يجعلني أتذكر قول جدتي رحمها الله حيث كانت تقول ( يا وليدي جزى الوالدين على رب العالمين ) أي مهما تفعل لن تستطيع أن تجزيهما شيئاً ، فأسأل الله أن يعظم لهما الأجر ويرزقنا برهما وطاعتهما .. أكتفي بهذا القدر فإنني أشعر بأن الحنين غلبني ولا بد أن أتوقف لأجري أتصالاً بوالدتي ، فإلى اللقاء ، والسلام عليكم.