”وَفِىٓ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ”
كيف يمكن لنا النَّفاذ عبر هذه الآية الكريمة للشروع في رحلةٍ روحيةٍ عميقة عنوانها: “البصيرة بحكمة الخلية”.
إنه بشيءٍ من التأمل والتبصُّر للخلية
نُدرك أنها الوحدة التركيبية والوظيفية في الكائنات الحية.
هذا الإدراك يأخذ بأيدينا نحو سبْر أغوار هذه المملكة العجيبة والمتفردة لنكتشف أن دورة حياة الخلية تقوم على نظام فائق الدقة والترتيب والتناغم.
فسبحان الله !
”إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ”
وكأنَّ هذا النظام يحمل لنا رسالةً علينا قرائتها قراءةً واعية.
وهذا يحملنا على العودة لآية “وفي أنفسكم ….”
فهي أشبه بمشعلٍ ينير عقولنا للتفكُّر والتبصُّر في أنفسنا.
فيمكن لنا أن نستلهم من هذه الخلية حياةً تقوم على الفضائل التي قامت عليها حياة الخلية.
فالخلية لديها نظام يقوم على تسع ركائز تُشيّد بها حكمتها المتفردة.
الركيزة الأولى:الوعي :
فالخلايا تعي بيئتها تماماً؛وهذا يعني أنها تتلقى باستمرار وتستجيب إلى المستجدات الكيميائية.
الركيزة الثانية:الاتصال :
فالخلية تبقى على اتصال مع غيرها من الخلايا القريبة،وحتى بعض الخلايا البعيدة.
الركيزة الثالثة:الكفاءة:
تعمل الخلايا بأقل النفقات الممكنة من الطاقة بكفاءة واقتدار.
الركيزة الرابعة:الرابطة:
إن الخلايا التي تُشكّل الأنسجة أو الأعضاء شركاء متلازمين.
إنهم يشتركون في هوية مشتركة من خلال حمضهم النووي .
الركيزة الخامسة:العطاء:
إن تبادل المواد الكيميائية في الجسم هو عملية مستمرة من أخذٍ وعطاء.
إن التزام الخلية الكامل بالعطاء يجعل التلقي أمراً تلقائياً،فهي النصف الآخر من الدورة الطبيعية.
إن الأخذ دون العطاء في المقابل ليس خياراً في حياة الخلية.
الركيزة السادسة:الإبداع:
كلما أصبحتْ الخلايا أكثر تعقيداً وكفاءة؛تجمعتْ مع بعضها البعض بطرق إبداعية.
الركيزة السابعة:القبول:
تعترف الخلايا ببعضها البعض على أنها متساوية في الأهمية.
فقبول الخلايا الأخرى لديها خيارٌ جوهري
الركيزة الثامنة:الكينونة:
تعرف الخلايا كيف تكون.
لقد وجدت مكانها في الكون ضمن الدائرة الكونية للراحة والنشاط في تناغمٍ وانسجام.
الركيزة التاسعة:البقاء:
في حين أن الخلايا سوف تموت في نهاية المطاف،إلا أنها باقية من حيث أنها تستخدم المورثات وعلم ما فوق الوراثة؛كي تنقل معارفها،خبراتها،وكذلك مواهبها في الخلايا الجذعية كي تبقى طويلاً بعد موتها.
إنها لا تمسك أي شيء عن نسلها.
هذا هو استمرار الوجود،وهو أيضاً نوع من البقاء العملي،إذ تشرف الخلايا على الموت على المستوى الفيزيائي،ولكنها تهزمه من خلال توالد الحمض النووي.
إن الفجوة بين الأجيال في مملكة الخلية ليست خياراً.
فيمكن لنا بعد التبصُّر في هذه الركائز التسع أن نستلهِم منها معاني سامية وغايات أسمى وفضائل نبيلة كمنهج وأسلوب حياة نعيشه .
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي