كم مرة سمعت هذه العبارات:
“من شابه أباه فما ظلم”
” التفاحة لا تسقط بعيداً عن الشجرة”
” إنه تماماً كوالده”
ما مدى صحة هذه الأقوال المتوارثة؟
هل نحن حقاً مجرد بيولوجيا مكررة،واستمراراً لشخصية والدينا مع إضافة بعض الاختلافات هنا وهناك؟
يقول علم الوراثة الحديث: “لا”
مثلما يستجيب دماغك إلى كل خيار تقوم به؛فإن نظامك الوراثي متجاوب على الدوام.
صحيح أن الموروثات التي منحك إياها الوالدان لن تتحول إلى مورثات جديدة.
إذ تبقى النسخة الأولية الفريدة هي ذاتها طوال حياتك،إلا أن نشاط الموروثات يتغير بسلاسة وفي كثير من الأحيان بسرعة شديدة.
إن المورثات عرضة للتغيير المعاكس،والذي يمكن أن يحدث نتيجة النظام الغذائي،المرض،الإجهاد،وعوامل أخرى.
ومن أجل هذا السبب تمتلك خيارات أسلوب الحياة انعكاسات تصل إلى المستوى الوراثي.
وبالتالي بات واضحاً من هذه الحقائق الأساسية أن بنيتك الوراثية فريدة من نوعها من ناحيتين:
الأولى:أنك فريد من حيث المورثات التي ولدتَ معها والتي لا يمكن لأحدهم أن يأتي بنسخة مطابقة عنها ما لم تكونا توأمين متطابقين.
الثانية:أنك فريد من حيث العمل الذي تقوم به مورثاتك في هذه اللحظة؛لأن هذه الفعالية هي قصتك أنت،كتاب الحياة الذي أنت مؤلفه.
يأخذنا هذا ربما إلى الفكرة الأهم في ثورة علم الوراثة الحديث.
إذ يسمح النظام فوق الوراثي للمورثات أن تتفاعل مع التجارب،فهي ليست معزولة وإنما منفتحة على العالم مثلك تماماً.
وهذا يطرح إمكانية أن يتم تمرير الطريقة التي تتفاعل فيها مع حياتك اليومية، مادياً ونفسياً من خلال الوراثة المرنة. وبعبارة أبسط عندما تقوم بإخضاع مورثاتك لنمط حياة صحي؛فأنت بذلك تخلق مورثات خارقة.
إن كل هذا من شأنه أن يمنح الفرصة العظيمة لمن يتحجج بعامل الوراثة كعائق يحول دون تقدمه ونموه،وأن الجينات الوراثية فرضتْ عليه قيداً لا يمكن الانفكاك منه.
فعلى الإنسان ألَّا يجعل نفسه رهين تلك المعتقدات التي تعزز من سلطة العامل الوراثي،وعليه أن ينفض غبارها بمعرفة ما ينفعه وما يضره،ومن ثم القيام بما ينفعه والابتعاد عما يضره.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي