خليص بين الماضي والحاضر

ربما أن معظم سكان محافظة خليص وأهلها لم يعرفوا أن هذه المحافظة (خليص) قد ذكرت عبر التاريخ بل ومن قبل بعثة الرسول الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم فقد ذكرت خليص باسمها القديم (أمج ) ذكرها شيخ المؤرخين محمد بن جرير الطبري رحمه الله في تاريخه (تاريخ الأمم والملوك ) في معرض حديثه  عن تبع اليماني (تبان أسعد أبي كرب ) قال : وكان تبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونها ، فوجه إلى مكة – وهي طريقه الى اليمن – حتى إذا كان (بالدف) من (جمدان) بين ( عسفان ) و (أمج) ، في طريقه بين مكة والمدينة ، أتاه نفر من هذيل ، فقالوا له أيها الملك ألا ندلك على بيت مال داثر ، قد أغفلته الملوك قبلك ، فيه اللؤلؤ والزبرجد والذهب والفضة ! قال : بلى ، قالوا بيت بمكة يعبده أهله يصلون عنده ، وانما يريد الهذليون بذلك هلاكه لما قد عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده ، انتهى ، المرجع تاريخ الأمم والملوك لابن جرير الطبري المجلد الاول تاريخ ما قبل الهجرة المجلد الاول الطبعة الأولى دار الكتب العلمية بيروت لبنان توزيع دار البار بمكة المكرمة.

واثناء قرأتي لتاريخ الطبري قبل ما يربو عن خمس وعشرين سنة مضت مررت بهذا الحديث عن خليص ولكن حقيقة لم أعر كثير اهتمام لهذا الموضوع حيث لم أكن ألم الماماً تاماً بهذه المحافظة ولم أزرها من قبل ولكن عندما قدر الله لي أن أفد من مكة (أم القرى) إليها قبل عشر سنوات ورأيت وعاشرت أهلها الطيبين الذين وبدون مجالة قد وجدت فيهم ومنهم كل التقدير والاحترام ولم يشعروني أبدا بانني ضيف أو غريب عن هذه الديار ومن أول لحظة لمست منهم الكرم والأخوة الحقة والنجدة والنخوة ….. 
ووجدت كذلك فيهم خصلة جميلة جدا وهي إلقاء السلام والتحية على كل من يمرون به سواء سائرا على قدميه أو راكبا فيلوح أحدهم لك بيده مسلما وهذه ميزة اعترف بانها تكاد تضمحل في خضم البهرجة المادية التي طغت على أهل المدن فالكل مشغول حتى عن القاء السلام والتحية بل كاد السلام يرتبط بالمصالح المادية وهذه إحدى سلبيات المدنية … 
هنا قفزت بي الذكريات إلى هذا الموضوع وسألت زملائي في العمل هل يعلمون أن الطبري ذكر محافظة خليص في معرض حديثه عن تبع ومروره بخليص وذكر ( جمدان ) و ( الدف) واطلعتهم على الأمر فابدوا اهتماماً كبيراً بهذا الموضوع حتى أن أحدهم طبع الصفحة التي ذكرت فيها خليص أو ( أمج ) اسمها القديم  وجمدان والدف … 
وإذا تركنا تلك الحقبة من ذلك الزمن الموغل في التاريخ وحثثنا السير إلى عصرنا الذي نحن فيه 
ففي هذه السنوات أخذت خليص تنمو بسرعة هائلة ولله الحمد وذلك بفضل الاهتمام الذي يبديه ساكنوها محاولة جادة منهم للرقي بها ليس عمرانيا فقط بل ثقافيا واجتماعيا وتجاريا ومن المعلوم بداهة أن أي مجتمع يريد أن ينهض عليه أولا أن يبني أرضية صلبة من العلم والمعرفة وينطلق على اثر ذلك وهو مطمئن لما يريد أن يقدم عليه مرتاح النفس والضمير ولن يحصل ذلك طبعا إلا بتكاتف أبنائها وتعاضدهم والعمل يدا بيد لتكون هذه المحافظة على مستوى من التقدم والرقي ما أريد لها ان تكون ، وأهلها ولله الحمد والمنة لا تنقصهم الكوادر المثقفة الواعية وارهاصات هذا الرقي والتقدم بدأت ظاهرة للعيان ولكل من يزورها سوف يلاحظ الجهود المبذولة  فعلى سبيل المثال لا الحصر فرع جامعة الملك عبدالعزيز بخليص، وبتدشين فرع الغرفة التجارية باشراف سعادة محافظ خليص سلطان بن معمر وفضيلة الشيخ ياسر الشابحي قاضي محكمة خليص ورجل الأعمال الشيخ صالح عبدالله كامل ورجال الأعمال بالمحافظة وغيرها تتجه أنظار المستثمرين ورجال الأعمال الى هذه المحافظة وحقيقة أن هذه المحافظة مهيأة تماما كمنطقة سياحية ، فقط تحتاج إلى بعض الجهود كي تظهر وجهها السياحي …
وهذا ما يثلج الصدر فنرجوا من الله العلي القدير أن يبارك جهود كل القائمين على رقي وازدهار هذه المحافظة …..
أيضاً فمن المعلوم أن محافظة خليص كانت بمثابة سلة غذايية لمدينة مكة المكرمة ومحافظة جدة وما حولهما من قرى وهجر ولكن لقلة الأمطار وندرة المياه في الحقبة الأخيرة جعلت من هذه السلة الغذائية لأهل المنطقة وما حولها تفقد مكانتها الزراعية ولكن إلى حين وبإذنه تعالى ستعود لعهدها الزاهر في الزراعة بالاضافة إلى المجالات الأخرى فهي أرض خصبة للاستثمار بكل أنواعه .
نسال الله التوفيق والسداد .

إبراهيم يحيى أبو ليلى 

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “خليص بين الماضي والحاضر

متجول

كتبت فاابدعت فااوفيت وازدانت الصحيفة جمالا بطلتك وانصافك فشكرا لهذا القلم الجميل الرائع

جبريل عمر

كلمات جعلتني أبتسم ل روعتها،، اشكرك ي اخي و ياصديقي و ياحبيبي.، ابو ليلى، واتمنى لك التوفيق والنجاح، محبك جبريل عمر

مصلح البشري

كلمات وفاء من اهل الوفا ابوليلى رجل طيب وخلوق نسأل الله له التوفيق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *