عام مضى على قضية مشروع المستودعات الذي يسعى أحد المستثمرين إلى إنشائه في “غران” على مدخل محافظة خليص .. وذلك عندما أطلق عضو الغرفة التجارية بجدة الأستاذ حسن شاكر الصحفي أول صافرة إنذار محذراً من عواقب هذا المشروع على البيئة والمجتمع ، وقد لاقت هذه الصرخة استجابة سريعة من أهالي غران و أُنعقد أول اجتماع لمشايخ وأعيان “غران” لدراسة وتقييم الوضع و تم تشكيل فريق عمل وتكليف لجنة لمتابعة ملف القضية مع الجهات المختصة .
حملت اللجنة مسؤولية هذا الملف وكونت عدداً من اللجان الفرعية للتحرك في جميع الإتجاهات وزيارة كل الجهات المعنية وذات الإختصاص ، حيث كانت البداية زيارة سعادة محافظ خليص الأستاذ سلطان بن ناصر آل معمر الذي أصدر قراره الفوري وأعضاء الوفد بمكتبه بوقف تنفيذ مشروع المستودعات وتكوين لجنة عاجلة من جميع الجهات المختصة لإعادة تقييم المشروع .
ثم كان للجنة اجتماع مع رئيس وأعضاء المجلس البلدي بمحافظة خليص ، والذي إتخذ قرار بعدم موافقته على قيام المشروع في هذه المنطقة ، وهو الأمر الذي أعطى بعداً كبيراً ودعماً قوياً لوقف تنفيذ المشروع .
ولم تتوقف الجهود عند هذا الحد بل توجهت اللجنة لتأخد الآراء الهندسية من عدد من المكاتب وخبراء البيئة الذين أفادوا بخطورة هذا المشروع وعدم مناسبته لقربه من المساكن ولما له من آثار سلبية على البيئة.
وفي خضم الأحداث وبعد خطوات عملية مرتبة قام بها فريق العمل المكلف ، وخلال زيارة قام بها وفد من المجلس لسعادة أمين جدة المهندس هاني أبو راس أوضح للأمين الأضرار البيئية والصحية للمشروع وأثره على التمدد العمراني وإغلاق منافذ المحافظة ، وتغيير التركيبة السكانية لها وخنق مدخل المحافظة بآلاف الشاحنات وجلب مئات العمالة الوافدة ، وعلى ضوء التقارير الواردة من المجلس البلدي والخطابات والتوصيات والإحتجاجات القوية المدعمة بالأدلة والبراهين البيئية الواضحة والجلية ، اتخذ الأمين هاني أبو راس قراره التاريخي بإلغاء مدينة المستودعات وتحويلها إلى مشروع تجاري سكني وإصدار توجيهات لوكيل الأمين بالعمل على تنفيذ هذا القرار واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال ذلك .
وهنا استبشر أهالي خليص عامة وسكان غران خاصة بهذا القرار الذي أزاح أكبر عقبة أمامهم في سبيل وقف تنفيذ هذا المشروع .. ولكن ورغم قرار المنع واستشعار الإطمئنان إلا أن اللجنة والمجلس المكلف استمر في عمله الممنهج وواصل خطاه نحو المطالبة بتنفيذ توجيهات الأمين .
وفي الطرف الآخر أخذ المستثمر يبحث عن مبررات لإقناع الأهالي بجدوى المشروع ويقدم الضمانات بعدم إلحاق الضرر بالبيئة والإغراءات بأن المشروع سوف يوفر آلاف الفرص الوظيفية للشباب ، وقام بتغيير مسمى المشروع إلى “مدينة غران اللوجستية” ، ولكن لم تفلح هذه الجهود في ثني الأهالي عن مطالبهم ، فأخذ يتحرك هنا وهناك يجمع المؤيدين و (المستنفعين) ويأخذ توقيعاتهم ليقدمها للجهات المختصة لتفيد بأن الأغلبية من الأهالي تؤيد المشروع .
ومع ذلك لم يفلح فعاد وغير وأحدث تعديلات حول بمقتضاها 75 % من المساحة الإجمالية للمشروع إلى تجاري سكني ، وأبقى 25% من المساحة الإجمالية للمستودعات ، غير أن الأهالي رفضوا هذا العرض جملة وتفصيلًا ، وقالوا كلمتهم المشهورة “مستودع واحد يعني 2700 مستودع ، ومصنع واحد يعني مئات المصانع ، فمن لدغ مرة كان أحرص مايكون من لدغة أخرى“ ..
وما مصنع السديس ومصنع الحبوب إلا شاهدان صباح مساء على مقدار السموم التي تنبعث منهما دون أدنى أمل في إزالتهما بعد أن أصبحا أمراً واقعاً .. والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين !.
ومع مضي الشهور يستمر المستثمر ومعاونوه في السعي لسحب اعتراض قرار الأهالي وسحب بعض المناصرين لهم فينجحوا تارة ويخفقوا تارة أخرى ، ويستعينون بالواسطات والوجاهات عند أهالي “غران” ، فأتت الوفود و الوجوه الطيبة الساعية للصلح ( فرادى وجماعات ) ولقيت كل ترحيب ، وعقدت عدداً من الجلسات استبانت فيها لتلك الوفود الرؤى ووضحت لهم ماخفي عنهم ، وبقي موقف أهالي “غران” كما هو ثابت وراسي كالجبال الرواسي ، إذ أنهم اتخذوا قرارهم بداية بعد دراسة مستفيضة وبعد استشارات على أعلى المستويات ومن مكاتب هندسية استشارية أصدرت جميعها قطعاً بالضرر الفادح الذي سيصيب المنطقة كافة والتلوث البيئي الكبير الذي سيهجر السكان قطعاً .
ويبقى مع ذلك خطوات إغلاق الملف بالكامل للمدينة اللوجستية مدينة المستودعات في إجراءاته النهائية خلال الفترة القادمة مالم يعدل المستثمر ويحول المشروع والمدينة اللوجستية بالكامل إلى مدينة تجارية سكنية قبل تنفيذ قرار الأمين هاني أبو راس ، فالأمر بالنسبه لأهالي غران قرار “حياة أو موت” .. قرار “نكون أو لا نكون” .. قرار نبقى في ديارنا أو الهجرة منها .
وصحيفة غران الإلكترونية سوف تستطلع آراء بعض المختصين والخبراء والمكاتب الاستشارية في هذا المجال ، وستلتقي بعدد ممن لهم حراك في هذا الموضوع لتكشف المزيد من الحقائق ، وستزيل الستار عن مواقف جهات وأشخاص لهم علاقة بالموضوع لأول مرة ، وسنضع بين يدي قراء صحيفة غران الإلكترونية رؤى وأفكار وبدائل يطرحها أهل الإختصاص وأصحاب المال و الأعمال ووجهاء المحافظة كحل بديل لهذا المشروع الذي بات يؤرق الكثيرين ويحول ليلهم لكوابيس .
وفيما يلي استعراض لجميع مانشرت صحيفة غران الالكترونية حول هذا الموضوع منذ بدايته حتى اللحظة الراهنة :
– بصوت واحد : أهالي غران وخليص يقولون لا للمستودعات