تأملات في سورة يوسف

بسم الله الرحمن الرحيم .. 
عندما يقراء احدنا القرآن فليعلم أن الله أرادنا وأمرنا أن نتدبر الآيات فمثلاً لو تأملنا في سورة يوسف والذي قال الله عنها في بداية السورة ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) وفي نهاية السورة يقول ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) من هذا المنطلق ندخل في صلب الموضوع في تأملات الآيات فعندما دخل سيدنا يوسف عليه السلام السجن وعندما طلب منه الفتيان اللذان معه في السجن تأويل رؤياهما فقبل ان يشرع في تأويل الرؤيا قال (قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) سبحان الله تأملوا كيف جعل الله الطعام يأتي ولم يجعل في الآية واسطة برغم أن من يأتي لهم بالطعام هو شخص ولو تعمقنا كثيراً في الآية نراى كلمة طعامٌ مرفوعة والرفع بالضمة علامة الفاعل ومن هذا نستنتج ان الإنسان مكفول الرزق فلم يجعل الله بينه وبين رزقنا إحدا سواه فكلما يأتيك هو رزقك ومهما فعلت فلا يمكن أن تأخذ إلا ما كتب الله لك فلا تتعب نفسك فلن يأخذ رزقك أحد وسيأتيك طالما أنك حي ترزق برزقك المقسوم لك فرزقك مقسوم وأجلك مقسوم وهذا ليس معناه أن يجلس الإنسان وينتظر الرزق حتى يأتيه أبداً بل يسعى لطلب رزقه وقد تكفل الله لنا بالرزق وكما قيل ( لو ركب ابن آدم الريح فراراً من رزقه ركب الرزق البرق حتى يقع في في فم ابن آدم).

فالإنسان ميسرٌ لما خُلِق له نعم على الإنسان أن يسعى وهو متيقن بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين وعلى المرء أيضاً أن لا يستجدي الناس وليعلم انه لا يمكن لكائن من كان ان يقطع رزقه كن على يقين من ذلك وكن ايضاً على يقين ان الله الذي خلقك لن يضيعك أبداً … هذه إحدى التأملات والتأمل الثاني في سورة يوسف ايضاً وهو انني اقرأ دائما من بعض الذين يغردون في قنوات التواصل وبالذات النساء يرددون الآية (فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (28).

وتتفاخر النساء بذلك وسياق الآية لم تأتي في محل مدح بل هي في محل ذم لو فقه الناس ذلك والدليل ان إمرأة العزيز في النهاية طلبت الصفح والمغفرة حين اعترفت بمكرها وكيدها ليوسف(قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (53) فلو كان هذ الكلام يفيد المدح لم تطلب المغفرة وقد اعترفت بأنها هي التي راودته عن نفسه وتعريف الكيد حتى تكون الأمور واضحة وحتى لا يتفاخر النساء بالكيد فالكيد من الإنسان مكر وخداع والكيد من الله انتقام وبطش شديد فالينتبه الإنسان حتى لا يقع في المحظور ومن المفترض الإستعاذة من الكيد لا الإفتخار والزهو بالمكر والمراوغة والخداع فإن عاقبة الكيد والمكر وخيمة على صاحبها فقد قال الله تعالى إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴿ 15 ﴾وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴿ 16 ﴾ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴿ 17 ﴾ فلم تأتي كلمة الكيد في القرآن من قبل المخلوقين الا في محل ذم والآية واضحة ولا تحتاج إلى تفسير فالحذر الحذر من الإفتخار والتباهي بهذه بالكيد الذي اتى في سياق الآية الكريمة وأكرر إنها أتت في محل ذم وليس في محل مدح
(إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) نسأل الله ان يفقهنا في ديننا وان يردنا اليه ردا جميلا.

إبراهيم يحيى أبو ليلى

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *