للتنوير أهمية بالغة في حياة الإنسان، فهو يأخذ بيد صاحبه نحو الانتباه لنفسه وللآخرين وللحياة والأحداث التي تجري فيها.
فالتنوير يعني استفاقة الوعي.
فهو حالةٌ ذهنية ينتفي فيها الاهتمام بالأنا؛ فلا يعود موجوداً.
والوصول إلى التنوير يفرض على الإنسان السير على الطريق الروحي.
ولعلَّ ثَمَّة سؤال يبزغ هنا وهو:
هل من الممكن أن نعيش حياتنا وفق منظور اللامشكلات؟
إنَّ الاستجابة الأساسية في الحياة وفق مفهوم التنوير هي الانفتاح، والتقبُّل، والشعور بالسلام.
وليس أنْ تعيش حياتك وفق مفهوم “اللامشكلات”، بل أن تتعايش مع تلك المشكلات، وتعمل على معالجتها بحكمة وبصيرة.
ووفق هذا التعايش؛ فإنَّ الحقيقة لا تقدم نفسها على أنها الخير مقابل الشر، أو الضوء مقابل العتمة، أو “أنا” في مواجهة “الآخرين”،المشكلات مقابل اللامشكلات.
فالحياة لا تقوم وفق هذا التناظر الذهني، لكنها تقوم على كمال الحياة وشموليتها باجتماع كل هذه التناظرات والتي هي أشبه بنهرٍ يجري بحُريةٍ دون عوائق، وأنت تسمح للنهر بمتابعة جريانه بدلاً من وضع السدود أمام تدفقه.
إنَّ التنوير يمنحك إدراكاً بأنَّ الحياة تتكشف عن ذاتها كما هي عليه، وليس كما نُحب أن تكون، وكل حدث -مهما كان صغيراً ولا أهمية له في نظرنا- هو جزءٌ من خلق إلهي عظيم، فالله تعالى خلق كُلَّ شيءٍّ بقدر.
هذه النظرة العميقة الثاقبة والبصيرة والنافذة تغلق الفجوة بينك وبين ما قد ينشأ داخلك من صراعات ومشكلات في ربْطك السعادة بحالة اللامشكلات، والشقاء بحالة المشكلات.
وستدرك أيضاً أن مستوى المشكلات ليس هو مستوى الحلول.
فالمشكلات تَعوُّدنا أن نحلها وفق منظورٍ مادي يؤمن بالمعطيات والنتائج دون أن نمنح الجانب الروحي اهتماماً يتوافق مع دوره الكبير في معالجة قضايانا الحياتية.
ويمكن -عند بلوغك ذلك التنوير- أنْ تبدأ في وضْع الجانب الروحي في فضاء الاحتمالات عند مرورك بمشكلةٍ معينة، أو المفاضلة بين مجموعة من الخيارات.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي