يدعي العالم المتحضر كما يحلو له أن يسمي نفسه، أنه يحاول الجمع بين بني البشر بإقامة المسابقات الرياضية للتقارب الانساني ولكن لابد أن تخرج بين الفينة والأخرى بعض النماذج التي تحاول الإخلال بهذا التقارب والتأثير عليه وإظهار ذلك التحضر المزعوم بأنه ما زال في حاجة إلى تحضر اكثر اخلاقياً ؛ نعم ربما أن العالم قد ازداد حضارة في مجال الصناعة والتقنية، فلقد تطور في الرياضة مادياً فقد شيد الملاعب الفارهة والأدوات الأكثر تقنيةً وتقدماً من ذي قبل، ولكنه يثبت في بعض الأوقات سقوطه أخلاقياً وأنه بحاجة ماسة للتطور والتحضر اخلاقياً وإنسانياً أكثر فعلى سبيل المثال قد رأينا ( في الدورة الأولمبية المقامة حالياً في العاصمة اليابانية طوكيو باليابان «طوكيو 2020» المؤجلة من العام الماضي، بسبب جائحة كورونا، رفض البولندي مارسين أورباس بطل أوروبا الإعتراف بفوز العداءة الناميبية (كريستين مبوما) في الدورة الأولمبية ، مطالباً بتوضيح جنسها والتأكد من أنها امرأة).
فقد (أحرزت مبوما الميدالية الفضية في سباق مسافة 200 متر، ضمن منافسات ألعاب القوى، إلا أن أورباس عداء المسافات القصيرة، طالب بإجراء فحص شامل للعداءة الناميبية، وقال دعوها تثبت أنها امرأة، في موقف اعتبره البعض تحيزًا عنصريًا ضد العداءة الإفريقية).
(واعتبر أورباس أن الرياضية الناميبية البالغة من العمر 18 عامًا، بطبيعتها، تمتلك مزيجًا ذكوريًّا من الكروموسومات، ومستويات هرمون الذكورة أعلى بثلاث مرات من مستويات النساء، ومن هنا جاءت أفضلية مبومًا على المشاركات الأخريات في السباق، وبالتالي فازت بميدالية في الدورة الأولمبية) .
وأوضح البولندي: «إذا واصلنا اعتبارها متساوية، فسيكون ذلك غير عادل فيما يتعلق بالعداءات الأخريات اللاتي هم بالتأكيد نساء» ، لا ادري لماذا يعتبرون هذا الأمر غير عادل برغم أنهم يقولون إنها بطبيعتها تمتلك مزيجاً ذكورياً من الكروموسومات أعلى بثلاث مرات من مستويات النساء ما يعني انها ليس لها دخل في خلقها وهذا الأمر خارج عن إرادتها فقد خلقها ربها على هذا الشكل والصورة والخصائص التي تحملها وليست كالذين يتعاطون المنشطات، ولماذ الحديث عنها ومناداتها بالتأنيث كباقي العداءات الأخريات هذا يعني انها أنثى فبحسب مناداتها بتاء التأنيث أو نون النسوة فهي ليست بحاجة لإثبات بأنها أنثى بحسب قولهم فهذه شهادة منهم بذلك، وأيضاً لماذا لم يكتشفوا ذلك إلا بعد فوزها بالسباق بالميدالية ألم يجروا لها إختبارا قبل دخولها في الدورة الأولمبية أم لأن لونها يخالف ألوانهم إنها العنصرية البغيضة التي تأبى إلا ان تذر قرونها وتفضح كذبهم وادعاءاتهم بأنهم قد اصبحوا متطورين ومتحضرين ولا أرى هذا التطور والتحضر المزعوم إلا في الظاهر وفي والأمور المادية فقط أما الجوهر والأخلاق والانسانية فما زالوا بحاجة إلى تطور وتحضر أكثر في هذا المجال، ترى لو كانت هذه العداءة الأفريقية أوروبية أكان هذا الحكم يلغي نتيجتها ولا يقولنّ أحدٌ أحسنوا النوايا وأظهروا الظن الحسن فالأمور واضحة كوضوح ذُكاء في كبد السماء إنها العنصرية البغيضة التي مهما حاولوا أن يخفوها تظهر لتفضح نواياهم الخبيثة وتفصح ما تنطوي عليها نفوسهم المريضة وأقولها في مرارة وأسى إن الرياضة لم تستطع أن تزيل ذلك الحاجز السميك الذي شيده بعض البشر بين بعضهم البعض فما زالت هناك بقايا شظايا للعنصرية تقبع في خاصرة الإنسانية تقض مضجعها، نعم اقولها مدوية فليسمع العالم المتحضر وأرفع عقيرتي بها لقد سقط العالم اخلاقياً في الرياضة وغير الرياضة فالعالم مازال حين يزن ويكيل فأنه يكيل بمكيالين وبدون خجل أو مدارة وأصبح الأمر يدار علناً عندما سكت الناس وآثروا الصمت عن الجهر بالحقيقة فمنهم متعمداً ومنهم خجلاً ومن من لا يبالي البته طالما أن الأمر لا يطاله ولا يعنيه اذاً فالعالم مازال يرزح تحت الظلم والعنصرية مهما حاول ان يلمع وجهه القبيح تأبى الحقيقة إلا الظهور وفضح الإدعاء والتلون والخداع.
ولا يتهمني احدٌ بأنني أدافع عن هذه المظلومة لأنها أفريقية ويجمع بيني وبينها اللون فإني والحمد لله لا أتوانا في قول الحقيقة مهما كان الطرف الآخر ومهما كان يحمل من خصائص فالأمر أكبر من مجرد اتهام وتحيز، فليعترف العالم أنه مازال يحبو في هذا المجال مهما ادعى انه قد شب عن الطوق وأصبح متحضراً متقدما فحضارتنا مازالت مادية ولم ترتقي بعد لتصل إلى الإنسانية التي خلق الله البشر فيها سواسية إنها كلمات تقال وعبارات تكتب فقط أما من ناحية التطبيق على أرض الواقع فأمامنا طريق طويل وشوط أطول حتى نصل إلى المنشود والمطلوب. انتهى.
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب