الرجل الذي فقد ذاكرته

يوم في ذاكرتي تطلعت فيه لحالة ذاك الطود المنحوت — ويحق له أيام من التطلع— فعندما نرى شموخ ينهار و بحر يجف يحق لنا أن نقيم العزاء.

الرجل الذي فقد ذاكرته هو أنت عندما تضع في هامش الذاكرة مواقف مؤلمة ثم تقفل أبواب التفكير عليها حتى لا يعتصر قلبك ألما ولا تسيل عيناك دمعا .

الرجل الذي فقد ذاكرته
هو ذاك الذي لا يعرف المسميات الطبية لفقد الذاكرة ولا يريد أن يعرف وصب جم همه كيف يلغي من ذاكرته موقف أو لحظات من حياته .

الرجل الذي فقد ذاكرته
ذاك هو عز الدين الشاب الذي شرب النجاح كفاحا و بنى لطموحه قصرا في الضاحية لم يستشر المهندسين المعماريين ولا حفر الأرض بآلة بل — بتوفيق من الله — ثم بيده العارية و قوته الشابة بنى قصره قصره الغير مرئي ، نعم قصر غير مرئي فليست كل المباني مرئية !

ثم عزم أن يسلك الطرق حتى يجمع قوته و قوت عياله قال: لا للنفاق الاجتماعي.

فقالو له:كيف تسير السيارة بدون نفط ونفط المجتمع ابتسامة لهذا و مصادقة ذاك ،اعتصر قلبه ألما لكن كيف يسير لابد أن يتنازل قليلا وهذه كانت أول لحظة وضعت في الهامش.—هامش ذاكرته—.

ثم قالوا له :كيف تبيع الزهر وأنت لم تضع عليها عطرا ،لابد من أن تجمل بضاعتك وتخفي معايبها ،هو رفض في بداية الأمر لكنه وبعد صراع مع نفسه والأخرين رضخ لمتطلبات السوق .

وكانت هذه هي اللحظة الثانية التي وضعت في الهامش .
هل وقف هذا النفاق و التملق لا بالطبع فلديه حياة طويلة لابد من تكرار ما فعل وتجربة ما لم يجرب حتى أصبح الخبير الاجتماعي و المتملق الملهم.

تقولون كيف أهتز بنيانه ؟ وكيف انهار ؟تطلعوا لأنفسكم وانظروا هل بنيانكم لم يهتز و لم ينهار ؟! و من منا لم يسلك طريق النفاق الاجتماعي عن قصد أو بطريقة غير مقصودة ؟! وحتى لو قالوا أن هذا احتراما ودماثة خلق وليس تملقا.

نقول — (إنما الأعمال بالنيات )—
عز الدين فتش يوما في ذاكرته ووجد بابا مؤصد ، قفله عتيق فتعجب :ماهذا الباب وحاول أن يفتحه في جلسة مصارحة مع نفسه وليته تركه مقفل !لكن قد فتح الباب ووجد الجواب الذي رماه في عالم مظلم كئيب رأى وجهه وقد تملق لذاك وابتسم لهذا وأغمض عيناه عن هؤلاء و أومأ براسه بالموفقة عن تلك و …و…تحت مظلة التملق الاجتماعي.أو بلغة صريحة (النفاق ).

وجد ظلاما خنق أنفاسه ووجد شخصا ليس هو بل تؤم ملامحه وضع يداه على رأسه مطأطأ أيه من الخجل دسه في الظلام عله لا يلام ثم أسرع هاربا موصدا للباب متلمسا للنور بعينيه الغارقة في دموع الندم فإذا الجميع قد ابتسموا وصفقوا لانجازاته التي تخجله أمام صدق البرأة والنقاء ،ففتح فاه وتبعثرت أنظاره الحائرة ضم جسمه بيديه وأرسل منطقه سائلا :من أنا ؟سمع أجوبة كثيره من قائلا : أنت أبي المتملق الاجتماعي وأنت جدي المتملق الاجتماعي وأنت أخي المتملق الاجتماعي وعمي وخالي وصديقي المتملق الاجتماعي و…و…. لم يسمع جوابا كان متعطشا له :أنت عز الدين أنت إبني الذي ربيته على حسن الخلق و دماثته.

لم يسمع جوابا تاق لسماعه منذ زمن منبعثا من جوفه قائلا:
أنت انا قبل زمن التملق .

اقتباس :
الفرق بين التملق والاحترام
محمد علواني:
من الصعب تحديد الفرق بين التملق والاحترام بشكل دقيق؛ إذ إن العامل الحاسم في هذه المسألة هو نية الشخص الذي يقوم بهذا التصرف أو ذاك، وأمر الدوافع ذاك خفي، وعادة لا يعلمه إلا صاحب السلوك نفسه.
هامش اعتراف :
الرجل الذي فقد ذاكرته عنوان مقتبس من صحيفة غراس الالكترونية
للكاتب:  سليمان مسلم البلادي في 30 يوليو ٢٠٢١

فاطمة بنت عبدالحميد المغربي

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “الرجل الذي فقد ذاكرته

صامل عتيق الله بن غيث البلادي

( وليته تركه مقفل …) أحسنت إبداعاً أيتها الكاتبة المميزة ، ذلك واقع يتجرع المجتمع مرارته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *