عشتُ سنيناً في ربوع بلادي الطاهرة على مهد الأمان، أحضان السلام، وبين ينابيع الخير والعطاء، ونادراً ما كنت أسمع بكوارث الطبيعة التي تحل في جميع الدول ..
أما ما أسمعه اليوم وأبصره من نذر وآيات الخالق التي تتابع وكأنه عقد المسبحة انفرط، حيث استيقظ عملاق البركان المروع من سباته ليلتهم كل شيء أمامه، وخَلَفَه أرض تضحك بشدة لتزلزل ما عليها، تكشر عن أنيابها لتدمر العمران وتهلك الحرث والإنسان، وظهر الخسف، المسخ والقذف، فيضانات مهلكة تبتلع كل شيء، أعاصير مدمرة تتأرجح يمنة ويسرى لتخطف ما يعترض طريقها، وتقطع الأرحام الذي أصبح صيحة من صيحات الموضة في كل دار، ناهيك عن الحروب الطاحنة بحر من الدماء وأشلاء متناثرة, وأصوات تزمجر من كل حدب وصوب ..
يقول رب الأرباب : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ )، فهل هذا الدمار العظيم، الهلاك الفاجع، والرعب المجلجل للقلوب نهاية النهاية للعالم ..؟ أم أنها عقوبة من الجبار جل في علاه على ما يرتكبه العباد من ذنوب ومعاصي تخويفاً لهم ..؟ يقول تعالى : ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ) ..
يا لها مشاهد تقشعر لها الأبدان، تذرف لها الدموع وتخشع فيها الأفئدة، ويبقى الذهول يكتنف عقولنا من تلك الأهوال العظيمة، وتشخص أبصارنا من آياته الكبرى, تذكروا فقط إن عقوبة الرحمن إذا نزلت شملت الصالح والطالح، الذكر والأنثى، الصغير والكبير ثم يبعثون على نواياهم ..
اللهم ردنا إليكَ رداً جميلاً .. واغفر لنا وتب علينا وتولنا وارحمنا .. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .. يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .. اللهم سلم سلم ..
مقالات سابقة للكاتب