قبل نحو قرن ونصف القرن من الزمان، وتحديدًا في سبعينات القرن التاسع عشر الميلادي حط تاجر التوابل الهندي، مايانكوتي كي، الرحال في مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وأثناء إقامته قرر بناء بيت ضيافة في العاصمة المقدسة بالقرب من الحرم المكي؛ لاستقبال أبناء جلدته وضيافتهم أثناء أداء الفريضة، إلا أن تلك الدار تحولت إلى مصدر للنزاع والتناحر بين عائلته وعائلة زوجته؛ للفوز بقيمتها التي تقدر بمليار دولار.
لا أحد يعرف تحديدًا ما حدث للتاجر الهندي المسلم الذي قدم من ولاية كيرلا، حيث كان يدير أسطول سفنه من ساحل مالابار، إذ إنه من غير المعلوم هل أقام في مكة ومات هناك؟ أم مات في ولاية كيرلا مسقط رأسه؟ إلا أن دار الضيافة بقيت نحو 50 عامًا تستقبل الحجاج من كيرلا.
في أواخر خمسينات القرن العشرين أرادت الحكومة السعودية هدم دار الضيافة المملوكة للتاجر الهندي؛ وذلك في إطار عمليات التوسعة للحرم المكي، والمنطقة المحيطة بالكعبة المشرفة، في ذلك الوقت قدرت المملكة قيمة الاستراحة بنحو 100 مليون دولار كتعويض عن هدمها، إلا أن المملكة وجدت صعوبة بالغة في تحديد المستحق لتلك الأموال إثر خلاف لاح بين العائلتين الهنديتين حول أحقية كل منهما بالمبلغ الهائل.
يعود الخلاف إلى إصرار عائلة التاجر الهندي على أنه لم يرزق بأطفال، في حين تجادل عائلة الزوجة بأن المتوفى ترك ابنًا وابنة، بالتالي فهم من يستحق قيمة التعويض، ونقطة الخلاف هنا يرجع سببها إلى النظام الأمومي الذي تتبعه ولاية كيرلا؛ حيث تنتقل الملكية من خلال الأم والأقارب الإناث.
مع تقدم كلتا العائلتين بالادعاءات المتعارضة، لجأت الحكومة السعودية إلى نيودلهي للمساعدة في فك طلاسم القضية، والعثور على الوريث الشرعي، لكن كانت الحكومات الهندية المتعاقبة تجد صعوبة بالغة هي الأخرى في تحديد الوريث، فقد أرسلت الحكومة لولاية كيرلا، وشكلت اللجان للحصول على أدلة، ومع ذلك، لم يظهر وريث لا جدال عليه!
وفي عام 2014، حاول رئيس الوزراء الحالي ناريندا مودي معرفة الوريث الحقيقي، وحل الإشكالية التي طال عليها الأمد، وتقديم المبلغ المالي الذي أصبحت قيمته الآن نحو مليار دولار لصاحب الحق، إلا أنه اصطدم بسلسلة من الادعاءات من كلتا العائلتين، فظل الوضع على ما هو عليه.
وبحسب موقع “الأسبوع في آسيا”، فقد اقترح أخيرًا أحد الرجال الحكماء، وهو عضو في مجلس الوقف المحلي، وكان وثيق الصلة بالقضية لكونه كان مراقبًا محايدًا للنزاع، بأن تترك الأموال تحت تصرف الأوقاف السعودية؛ لاستخدامها في الأعمال الخيرية في المملكة، إذ لفت إلى أن استخدام الأموال بهذه الطريقة سيكون شرفًا للمسلمين الهنود، على حد تعبيره.