“لفبرا” مدينة صغيرة في الريف الإنجليزي البارد ، حرم جامعتها العريقة يمثل نصف المدينة ، فمن دونها “لفبرا” مجرد مدينة على نهر موحل خاوية إلا من عروش مباني الطفرة الصناعية .
إنتقلت للدراسة بجامعتها على عجل .. لم أجد سكناً إلا منزل كبير يفوق احتياج عائلتي الصغيرة ..
المقياس الإنجليزي للمنزل الكبير هو بيت بغرفتي نوم ، صالة ، مطبخ ، حمام ، وحديقة ، وكل هذا على مساحة لا تتجاوز الـ 100 م٢.
عند توقيع العقد أخبرني مكتب العقار أن المنزل تم تجديده ويحتاج إلى إعادة تقييم شهادة أداء الطاقة من جديد وهو شرط لإعادة الخدمات ، وقمت بالتواصل مع شركة الكهرباء والغاز لتنسيق الزيارة التفتيشية .
حضر المفتش في الموعد المحدد ، وقام بقياس جودة عوازل الحرارة وأنابيب السخان الذي يعمل بالغاز وسلامتها من التسربات ، وبعد أن إنتهى قال : “أوكي كل شئ ممتاز وأفضل من السابق ، بيتك أخضر و لا ينتج الكثير من ثاني أكسيد الكربون” ، ثم أخرج الآيباد وقال : “أعطني الإيميل لأرسل لك الشهادة” ، فبادرت بسؤاله وقلت له : لماذا تصدرون هذه الشهادات ؟! ..
أجاب قائلاً : “شهادة أداء الطاقة توضح القيمة السنوية المتوقعة لاستهلاك الغاز والكهرباء مع بعض النصائح العامة لأسلوب الإستخدام الأمثل للطاقة ، وكل هذا يصب في مصلحة المستأجر ، كذلك تساعد مالك المنزل ليستخدمها كأداة لجذب المستأجرين ، وتأثيرها كبير على القيمة السوقية للمنزل” .
أرسل شهادة الأداء وهي تتشابه كثيراً مع شهادة استهلاك الوقود الموجودة على السيارات الجديدة …ومن ثم شكرته وغادر وعلى محياه إبتسامة كعادة الإنجليز .
مع أن منزلي أصبح “أخضر” إلا أن فاتورة الكهرباء والغاز والماء خلال العام تتراوح ما بين 500 إلى 650 في فصل الشتاء ..
عندما عدت إلى أرض الوطن لا تعلمون مدى الإرتياح المالي والنفسي أيضاً عندما أرى فاتورة الكهرباء المدعومة حكومياً والتى لا تتجاوز الـ 120 ريال ..
فعلاً إنها نعمة لا يدركها إلا فاقدها ..
نظام أداء الطاقة للمنازل ما هو إلا نتاج دراسات وبحوث وتطوير ركازها الإنسان ، فكل ما يدرسه الإنجليز في الجامعات وكل بحوثهم العلمية ترتكز حول المال وتوفيره ، أما جامعاتنا ويالأخص كليات خليص فيعلمون فيها النسخ واللصق وجوجل ..
مال يهدر بلا علم يطبق على الواقع .. اللهم إنا نعوذ بك من علم لاينفع ..
الخلاصة :
مع ارتفاع فواتير الكهرباء والوقود وانخفاض البترول ، هل سنبقى على نفس عاداتنا الإستهلاكية الجائرة ؟ .. أم نطبق (لا تسرف ولو كنت على نهر جاري) ..
هل سننتظر حتى تفرغ الجيوب ؟ .. أم نتخذ أسلوب حياة يضمن لنا وللأجيال القادمة حياة كريمة ..
لكم الخيار !
حسام الصحفي
مقالات سابقة للكاتب