مجالسنا .. بين الأمس واليوم

اعتاد الناس في ما مضى التواصل عن طريق المجالس التي يعقدونها بينهم في منازلهم ، أو في أسواقهم أو في مناسباتهم كالزواج أو اﻷعياد ، حيث يتباحثون فيها أمورهم ومشاكلهم وسبل حلها ، ويتفقدون من غاب عن مجلسهم ويسألون عنه ويرسلون من يأتي لهم بخبره ، فإن كان به نازلة هبوا لمساعدته ، وإن كان مريضاً انتقل المجلس إليه ليواسوه ويخففوا عنه.

يتسامرون في مجالسهم بالقصص واﻷحاجي القديمة التي مرت على من قبلهم ويأخذون منها الدروس والعبر ، كما يحضر هذه المجالس اﻷطفال واﻷوﻻد الكبار وينصتون للمتحدث ، حتى أن بعضهم ينام في المجلس وﻻ ينفض مجلسهم إﻻ في وقت متأخر من الليل ، بالنسبة لحالهم في ذلك الوقت ، ويتفقون على أن يكون مجلسهم القادم في بيت فلان ، ويستعد لهم بما تيسر له لتكريم جلسائه ، وهكذا تمضي بهم الحياة ويفرحون بمن ينضم إليهم من الجيران والجماعة.

يحكى أن أحد أفراد المجلس سقطت (عشته) ، فما برح المجلس حتى توزعت اﻷدوار والتكاليف على مجموعة المجلس ، وما مضى أسبوع حتى رجعت (العشة) كما كانت .

واليوم نرى هذه المجالس قد اختفت من الساحة ومن بعض عناصرها ، بل من أهم عناصرها وهم كبار السن ، وأصبحت تلك المجالس خاصة بالشباب حيث يرون أن الوضع والحال ﻻيناسب مشاركة كبار السن فيها ، وأصبحت المجالس تقام في اﻹستراحات الخاصة أو المقاهي وعلى القنوات الفضائية أو اﻷلعاب (الدومنة / البلوت) وغيرها ..

وأصبحت هذه المجالس لقتل الوقت دون فائدة تذكر للمجتمعين ، وإذا حضر الشباب لمجالس كبار السن تحت أي ظرف انظر لحالهم ، فتجد كل مجموعة لوحدها ﻻيلقون سمعاً وﻻ انتباهاً لمن يتحدث ، أو انشعلوا عنهم بوسائل التواصل اﻹجتماعي الحديثة التي أرى أنها هي سبب اختفاء تلك المجالس الجميلة .

ومن المآخذ علي مستخدمي وسائل التواصل اﻹجتماعي الحديثة تلك المأساة التي تحدث عندما يحضر اﻷبناء والبنات لبيت والدهم ووالدتهم ..

اﻷب واﻷم كم هم فرحين ومسرورين بهذه الزيارة ، وترى اﻷب يهب لتكريمهم وكذلك اﻷم ، ولكن سرعان ما تتبدد فرحة وسعادة اﻷب واﻷم عندما يبدأ اﻷوﻻد والبنات بإخراج وسائل التواصل ( الجوال/الأيباد ) وغيرها ، ويبدأ اﻹنشغال عن الوالدين كأنهم لم يكن لديهم وقت وأجهزه إﻻ في هذه اللحظات التي سوف يقضونها مع والديهم ..

بل ماهو أدهى وأمر أن بعضهم يكلم بعض في نفس المكان بالجهاز كأنه أبكم أصم ، وهذه الحالة تسببت في عجز شباب اليوم عن التحدث أمام اﻵخرين أو التعبير عن مايدور في نفوسهم .
ناهيك عن انشغال الشباب أو التشاغل عن أداء الصلاة مع الجماعة في المسجد .

فيا أيها المستخدون لهذه الوسائل تذكروا أنها ما صنعت لهذه اﻷغراص وإنما صنعت لتقديم خدمة سريعة توفر الوقت والجهد والمال ، وتذكروا أنكم سوف تسألون عن هذا الوقت المهدر في غير فائدة عامة أوخاصة. 

فارجعوا إلى المنطق والعقل في كيفية الإستفادة من هذه التقنية فيما يعود بالنفع للجميع والله المستعان .

حكمة :

“الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”.

 

عبدربه خليل المغربي

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “مجالسنا .. بين الأمس واليوم

ابراهيم يحي ابو ليلى

نسأل الله السلامة
بارك الله في رأيك ابا نضال
لقد نصحت واجتهدت
فارجو ان ينال هذا المقال آذان صاغية .
تحية لك وجزاك الله خيرا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *