الوقف صدقة جارية

أخي المبارك – حفظك الله – ..

اعلم غفر الله لك أن أمّةُ الإسلام لا تزال بخيرٍ وسلام ورقيٍّ وأمان ما شاعت بينهم روح التعاون والتكافل والشعور بالآخرين ، بعيدًا عن مرتع الأنانية والأثرة ، وهي لا تزال بخير أيضاً ما أحس الغني بمسغبة الفقير ، وأبصر قلب الواجد فراش ذي الإملاق ، ولامس سمعه وبصره أصداء المعدمين وأنّات المتقلبين واستغاثة المستغيثين .

إن أي أمة يرى في واقعها هوة وجفوة ووحشة وتنافر بين الغني والفقير والصغير والكبير والشريفِ والوضيع لهي أمة مفككة الأواصر ، أمة أفئدة ذويها هواء. 

وبعد :

قال صلى الله عليه وسلم: “إن العبد إذا تصدق من طيب تقبلها الله منه وأخذها بيمينه ، ورباها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله ، وإن الرجل ليتصدق باللقمة، فتربو في يد الله ، أو قال : في كف الله ، حتى تكون مثل الجبل ، فتصدقوا” .. {صحيح البخاري} ، وأفضل الصدقات هي الصدقة الجارية .

قال صلى الله عليه وسلم : “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له” .. رواه مسلم ، والصدقة الجارية هي الوقف .

وإن من أعظم صور الإنفاق وأكثرها أجراً وأعمها نفعاً الوقف ، فهو صدقة جارية وانتفاع متواصل ومستمر بالمال الموقوف ، وضمان لحفظه ودوام للانتفاع به ، وتحقيق للإستفادة منه في جميع وجوه الخير ، وزيادة في الإستقرار والتآلف والمحبة والتعاون بين أفراد المجتمع جميعاً ، نعم فالوقف صدقة جارية للمتصدق ، وهي سعة له في رزقه بما يخلفه الله عليه ، قال تعالى : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) .. {(39) سورة سبأ} ، وهي نور له في قبره وظل له ظليل يوم القيامة .

قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته ) رواه البيهقي .. وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة .

أخي المبارك – بارك الله فيك – ..

يا من أسهمت في وقفك الخيري ، لقد قمت بكفالة الأيتام ورعاية الأرامل والمطلقات والمحتاجين ، وكفالة المحتاجين من ذوي الإحتياجات الخاصة ، فهنيئاً لك هذا الفضل العظيم العميم.

 إنَّ شجرةَ الأوقاف الخيرية تمتدُّ جذورها إلى عهدِ صاحب الرّسالة النبوية صلوات الله وسلامه عليه ، فقد سن النبي صلى الله عليه وسلم سنة الصدقة الجارية ، فأوقف سبعة بساتين بالمدينة .

واقتفى الصحابة والصالحون أثره في الصدقة الجارية ، فقد ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أصاب أرضاً بخيبر لم يصب مالاً قط أنفس منها ، فأتى النبى صلى الله عليه وسلم يستشيره ، فقال له: “إن شئت حبست أصلها ، وتصدقت بها” ، وتصدق بها في الفقراء ، وفي القربى ، وفي الرقاب ، وفى سبيل الله ، وابن السبيل ، والضيف.

واشترى عثمان بن عفان رضي الله عنه بئر رومة فجعلها سقاية للغنى والفقير وابن السبيل ، وتصدق أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه صدقة جارية ، فوقف أحب أمواله إليه بيرحاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب ، فجعلها صدقة لله رجاء برها وذخرها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :” بخ ، ذلك مال رابح ، ذلك مال رابح” .. صحيح البخاري .

فطوبى لمن سلك الطريق الذي سلكوه ، ونهج النهج الذي اتبعوه .

هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..

 

نافع ثابت الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “الوقف صدقة جارية

أبوسعود

جزاك الله خيراً الله خير شيخنا الفاضل
ووفقك وسدد خطاك وبارك لنا فيك
مشاريع وأبواب خير فتحتها لنا
الله يجعلها في موازين حسناتك

احمد المرامحي

ياحظ من ضرب بسهم فيه
وهنيئا لمن وقف على الوقف حتى نما وأثمر ثلاث سنابل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *