عندما تكون الصحبة بلا ثمن

بسم الله الرحمن الرحيم….
نعم عندما تكون الصحبة بلا ثمن تكون التضحيات بلا حدود تكون النصيحة بإخلاص وتجرد وصدق وشفافية؛ وقد يسأل أحدهم قائلاً فكيف ذلك؟..

أقول عندما خرجت قريش بقضها وقضيدها تحاول إنقاذ تجارتها من بين ايدي المسلمين الذين خرجوا من مدينتهم الوليدة التى انشأها رسول الله نبيـناﷺ في يثرب نعم خرجت قريش بصلفها وجبروتها لمحاربة الله ورسوله ظلماً وعدوانا واتجهت الى آبار بدر حيث المعركة الأولى بين جيش الكفر والظلام وجيش الإيمان والنور والتي وضعت الحد الفاصل بينهما في تلك الآونة فهي معركة الفرقان التي فرق الله بها بين الحق والباطل فخرج المسلمون بقيادة نبيهم ومعلمهم فاستشار الرسول الكريم ﷺ وكان يقصد الأنصار بالذات فهم الذين بايعوه عند العقبة في مكة على أن يدافعوا عنه ويقاتلوا كل من حاول اقتحام المدينة نعم كانت البيعة على من حاول الدخول الى المدينة ولم تكن على الخروج معه إذا أراد أن يقاتل عدوا خارج اسوار مدينتهم هذا هو العهد والاتفاق فيما بينهم والرسول الكريم خير من يصون العهد ويمضي الاتفاق اليس هو القائل ( إن المسلمون على شروطهم) وكيف لا يلتزم بالاتفاق والشرط والعهد وهو الذي قال ( أدبني ربي فأحسن تأديبي) وهو يقرأ عليهم قول الله تعالى الذي انزل اليه :-( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلْأَيْمَٰنَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) نعم هكذا كان الأمر فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا) ثم قام المقداد ابن عمرو رضي الله عنه فقال موقف المقداد بن عمرو :- : “يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْضِ لِمَا أَرَاكَ اللَّهُ فَنَحْنُ مَعَكَ، وَاللَّهِ لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَجَالَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ حَتَّى تَبْلُغَهُ”…

فهل هناك تضحيات أكبر وأجّل من هذه من قبل صحابة لم يطلبوا ثمناً لصحبتهم تلك فكانت التضحيات بأغلى ما لدى المرء النفس والمال والولد..

وايضاً هناك تضحية اخرى لا تقل شأناً عن هذه تلك التضحية تتمثل في فعل الصحابي الجليل قتيل الرجيع خبيب بن عدي رضي الله عنه فعندما خرجوا به أي المشركون الذين غدروا به وبصاحبه بين مكة وعسفان عندما خرجوا به ليقتلوه وقد نصبوا خشبة ليصلبوه، فانتهى إلى التنعيم، فقال “إن رأيتم أن تدعوني أركع ركعتين”، فأذنوا له، فصلى ثم قال “والله لولا أن تظنوا إنما طولت جزعاً من القتل لاستكثرت من الصلاة”، فكان أول من سن الصلاة عند القتل.

قال سعيد بن عامر بن حذيم “شهدت مصرع خبيب، وقد بضعت قريش لحمه ثم حملوه على جذعة، فقالو: “أتحب أن محمداً – رسول الله ﷺ –

مكانك؟” فقال “والله ما أحب أني في أهلي وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم شيك بشوكة” وقد قال منشدا قبل مقتله :-

لقد جَمّعَ الأحزابُ حَولِي وألّبوا

قبائلَهُمْ واستَجْمَعُوا كُلَّ مَجمَعِ

********

وكلُّهُمُ مُبدي العداوةِ جاهِدٌ
عليَّ لأنّي في وَثاقي بِمَضْيَعِ

********

وقد جمَّعوا أبناءَهُمْ ونِساءَهُمْ

وقُرِّبْتُ مِنْ جِذْعٍ طَويلٍ مُمَنَّعِ

********

إلى اللهِ أشْكُو غُرْبَتي ثُمَّ كُرْبَتي

وما أرصدَ الأحزابُ لي عندَ مَصرعَي

********

فَذَا العرشِ صَبِّرْني على ما يُرادُ بِي

فقد بضّعوا لَحْمي وقدْ يَاسَ مَطْمَعي

********

وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشَأْ

يُبارِكْ على أوصالِ شِلْو مُمَزَّعِ

********

وقد خَيَّرُوني الكُفرَ والموتَ دُونَه
وقدْ هَمَلَتْ عَيْنايَ من غَيرِ مَجزَعِ

********

وما بي حَذارُ الموتِ، إني لميّتٌ

ولكنْ حَذاري جُحْمُ نارٍ مُلَفَّعِ

********

فلستُ أُبالي حِينَ أُقتَلُ مُسلِماً

على أيِّ جَنْبٍ كانَ في اللهِ مَصرَعي

********

ولستُ بمبدٍ للعدو تخشُّعاً
ولا جزَعَاً، إنّي إلى الله مَرجِعي

رضي الله عن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم….

ألم اقل لكم إن الصحبة عندما تكون بلا ثمن تكون التضحية بلا حدود ولا تعرف المستحيل وتوشك ان تكون من الأساطير وهي لعمرو الحق من الحقائق الثابتة ثبوت الجبال الراسيات اي قوم هؤلاء هل هم من البشر أم من الملائكة بل هم من البشر ولكنهم كادوا ان يحملوا طهر الملائكة فهم لا يتكررون ابدا حتى يرث الله الأرض ومن عليها فلنعلم ابنائنا وقبل ذلك أنفسنا عدم الأنانية وأن لا يطلبوا ولا نطلب ثمناً لكل شيء فهناك أمور وأشياء لا تقدر بثمن مما بُذلَ فيها من مال ومهما اعطي لها من ثمن مادي فستظل اكبر من هذا كله والثمن الوحيد الذي يقوم مقام هذه التضحيات هي الجنة وليس غير ذلك… 

إبراهيم يحيى أبو ليلى

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “عندما تكون الصحبة بلا ثمن

عبدالرحيم الصحفي

كاتب متمكن يشدك بمقالاته شكرا صحيفة غراس

ابن بذال

مقال قيم طاب مداد قلمك ابا ليلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *