رفض مجلس الشورى التراجع عن موافقته على منح إجازة العاملين في القطاع الخاص يومين في الأسبوع وخفض ساعات العمل إلى 40 ساعة أسبوعياً ، متمسكاً بقراره الصادر في الثالث عشر من ربيع الآخر عام 1435 ، ولم تقتنع لجنة الإدارة والموارد البشرية بمبررات مجلس الغرف وغرفة الرياض بالإبقاء على ساعات العمل 48 ساعة مع إجازة يوم واحد في الأسبوع ، مؤكدةً وجوب الحفاظ على تعديلاتها على مواد نظام العمل 98،100،104 وأن أي تراجع عنها يضعف من قوة النظام الجديد في جذب العامل على حساب تعديلات أخرى تجعل النظام أكثر جذباً للمستثمر وصاحب العمل .
وكشف تقرير شوريّ أن تعديل المواد السابقة كان في سياق مجموعة واسعة من الإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية والإدارية والقانونية والإجرائية التي تهدف إلى تنويع بنية الإقتصاد السعودي وتهيئته للتحول إلى الاقتصاد المعرفي وتحسين مقومات تنافسية الإقتصاد السعودي ، وزيادة قدرة الشركات الوطنية على جذب المواطنين للعمل فيها بدلاً من القطاع العام.
وأشار التقرير إلى أنه لم يكن في السابق أي تحفظ حينما كانت المواد المشار إليها ضمن المواد المعروضة للتعديل كافة ، وقد درست باستفاضة قبل عرضها على مجلس الشورى في المجلس الاقتصادي الأعلى ـ قبل إلغائه ـ وهيئة الخبراء وشاركت في الدراسة وزارات المالية والإقتصاد والعمل والداخلية والتجارة ، وبمراجعة كافة محاضر الإجتماعات كافة وجدت لجنة الإدارة والموارد البشرية مايدل على تأييد تام من الجميع لمطلب هذه البنود بناء على طلب وزارة العمل.
وأوضح التقرير أن مواد العمل المشار إليها سبق وأن عرضت على الشورى للتصويت عليها مرتين وفي كلتا المرتين رأي المجلس التمسك بضرورة تخفيض ساعات العمل من 48 ساعة أسبوعياً إلى 40 ساعة على ألا تزيد ساعات العمل اليومية عن ثماني ساعات ، كما رفض المجلس الأخذ بمقترح العمل 45 ساعة في الأسبوع مع إجازة يومين و 9 ساعات عمل يومية .
وحرص مجلس الشورى من خلال لجنة الإدارة والموارد البشرية على الإستماع لرأي ممثلين من مجلس الغرف واللجنة التأسيسية و اللجان العمالية لتأخذ في الإعتبار وبحيادية تامة ما فيه مصلحة المجتمع ككل ، وأكدت أن المواد المعدلة في نظام العمل كان بقصد الموازنة بين حاجة المستثمر إلى بيئة اقتصادية أكثر جذباً للربح وحاجة المواطن إلى بيئة أكثر جذباً للعمل ، فرأت اللجنة ضرورة الحسم في تعديل النظام بحيث يخفض ساعات العمل إلى 40 ساعة مع إعطاء الصلاحية لوزير العمل بالتدرج في تطبيقه على القطاعات المختلفة حسب المصلحة.
وعارضت لجنة الإدارة والموارد البشرية المسوغات المطروحة في خطابي مجلس الغرف السعودية والغرفة التجارية الصناعية بالرياض فيما يتعلق بخصوصيات الإقتصاد السعودي في اعتماده المرتفع على العمالة الأجنبية وبخاصة في بعض القطاعات كالمقاولات ، وما يعنيه هذا من استفادة العمالة الوافدة من تخفيض ساعات العمل بشكل قد يضر بالإقتصاد السعودي ، ورأت اللجنة أن تعديل الفجوة الكبيرة في توظيف العمالة الوطنية في القطاع الخاص وإيجاد آليات لتحفيزه للعمل كبديل واقعي عن عمله في القطاع العام هو إحدى أهم ركائز التصحيح المطلوبة في الإقتصاد الوطني الذي لا يمكن الوصول إليه بدون تصحيح جذري للمميزات النسبية للعمل في القطاع العام مقارنة بالخاص.
وأشار تقرير لجنة الإدارة إلى أن الكثير من الدراسات وخاصة من الدول التي خفضت ساعات العمل وأعطت العاملين فيها حق يومي إجازة أثبتت الأثر الإيجابي على الإقتصاد المحلي حتى من الموظفين الأجانب وساهم في التنوع الإقتصادي واستفادة الجميع ومنهم العمالة الأجنبية بوقت فائض أكثر للتسوق والخروج مع أسرهم للترفيه والتنقل وزيارة المدن.
وأكدت الإدارة والموارد البشرية عدم صحة أن تخفيض ساعات العمل يؤدي إلى الفراغ والجريمة ، بل الصحيح أن عدم إيجاد حلول متزنة لتوليد الوظائف اللائقة والقضاء على البطالة من خلال الدعم المتزن أو نظام العمل بالشكل الصحيح بين حتميات تشجيع الإستثمار ومايحتاجه المواطن لتحفيزه للعمل في القطاع الخاص هو الخطر الحقيقي المؤدي إلى الفراغ والجريمة.
وتلمست لجنة الإدارة رأي منظمة العمل الدولية من خلال دراسة تقاريرها واتضح من خلال آلياتها للحوار الإجتماعي التي تجمع بين آراء جميع الأطراف الإقتصادية متمثلة في حكومات الدول الأعضاء والعمال وأصحاب الأعمال في كافة بقاع العالم ، ووصلت إلى قناعة أن تخفيض ساعات العمل هو من مصلحة الدول التي مازالت ساعات العمل فها طويلة إذا أرادت تطوير بيئة العمل بما يعزز تنافسيتها دولياً ، بشرط اتفاق أطراف الإنتاج الثلاثة في تلك الدول على استبدال ساعات العمل بالإنتاجية كمعيار لتطوير العمل .
وأكدت إدارية الشورى أن ماجاء في خطاب مجلس الغرف المرفوع إلى المقام السامي لإيصال وجهة نظر قطاع الأعمال بأن خفض ساعات العمل سيؤدي إلى خفض الإنتاجية ، لايتفق مع الدراسات العالمية وتبين للجنة أن خفض ساعات العمل الطويلة والمرهقة غالباً يزيد الإنتاجية شرط النظر في منظومة التحفيز وتحريرها من إطار الساعات وربطها بالمخرج النهائي للمؤسسات مباشرة ، كما تؤكد تقارير منظمة العمل الدولية الإتجاه عالمياً لخفض ساعات العمل .
وشدد تقرير لجنة الإدارة الذي اطلعت عليه الهيئة العامة للشورى ، وأحالته للأمانة لإدراجه للمناقشة في جلسة مقبلة ، على أن الغرض من تخفيض ساعات العمل إلى 40 ساعة يومياً هو الوصول إلى التوازن الإقتصادي والإجتماعي الأمثل لشرائح المجتمع كافة وليست التنمية الإقتصادية بمعزل عن التكافؤ الإجتماعي الملازم له أو على حساب مصلحة شرائح عديدة في المجتمع ستتضرر من عدم توطين الوظائف في القطاع الخاص بالسرعة المطلوبة ، وقد ثبت أن ساعات العمل الطويلة هي من أسباب عزوف الشباب من أبناء الوطن في القطاع الخاص وتفضيل القطاع العام الذي لاتتجاوز ساعات العمل الأسبوعية فيه 35 ساعة ويمنح العامل فيه يومي إجازة في الأسبوع ، كما أن ساعات العمل الطويلة لها آثار سلبية على ترابط الأسرة وتربية الأبناء خاصة بالنسبة للمرأة العاملة ، وهي تحد من فرص عملها عموماً ، كما تؤثر ساعات العمل الطويلة سلباً على الإرتباطات الإجتماعية في مجتمع لايزال ولله الحمد متمسكاً بالعلاقات الإجتماعية على جميع المستويات بين أبناء الأسر والحي والمدينة والقبيلة .