في إحدى صباحات شتاء ١٩٨٥ تفاجأ جميع نزلاء منتجع بورسودان السياحي بخلو المنتجع من جميع الموظفين الأوروبيين الذين استثمروا في أرض السودان هذا المنتجع لتعليم الغوص في سواحل البحر الأحمر الذهبية .. ذهبوا جميعهم ولم يبق إلا عدد يسير من الموظفين المحليين ..
أين المستثمر؟ أين النزلاء؟ أين الأعداد الكبيرة التي كان يكتظ بها المنتجع ؟
وعندما تساءل النزلاء عن هذا الهروب أفادوهم أن المستثمر الأوروبي قد أفلس و رحل!!
رحلوا ليخبرنا التاريخ أنه ما كان منتجعاً يعلم الغوص ولا كان منتجعاً سياحياً ، لقد كان معسكراً لتهريب يهود سبأ الدانيين أو يهود الفلاشا في أثيوبيا الذي خاف عليهم رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك “مناحيم بيغن” من الجوع والخوف في حرب “منغستو مريام” الأهلية إلى أرض الميعاد .
“منغستو هيلا مريام” الرئيس الأثيوبي آنذاك وعد أن يرحل يهود الفلاشا إلى أرض الميعاد بصفقة أسلحة بشرط أن تبقى هذه الصفقة سرية ، ولكن إحدى الصحف الإسرائيلية أذاعت خبر الصفقة ، عندها (كوّر) مريام وحلف أن لا يهاجر يهودياً واحداً.
لقد كان “مريام” صاحب مبدأ حتى لو كان خائناً ، إلا أنه في وجهه حياء ويخشى الفضيحة.
بعد أكثر من 30 سنة يخبرنا التاريخ أنه لم يكن منتجعاً سياحياً وإنما كان معسكر من معسكرات الموساد لتهريب يهود الفلاشا إلى فلسطين في عمليه خبيثة اشترك فيها المجند الموسادي عدنان خاشقجي ، وياهود باراك ،وجعفر النميري الذي ينادي بتطبيق الشريعة في السودان .
تذكرت هذه القصة وأنا أراجع فصول مدينة المستودعات والصناعات الخفيفة والورش الصناعية في غران من أول يوم صرخ فيه الأستاذ حسن شاكر محذراً من خطر هذه المستودعات ، ومن قبلها الشركة العقارية التي تبرعت بسيارة صينية في مخيم غران الدعوي ومستثمر يفاوض بكل ما أوتي من قوة ويلبي كل المواصفات والمقاييس ويطالب بتصريح يمكنه من بيع هذا الوهم ، وأحداث أخرى كثيرة وإن كان آخرها المفاوضات على المسمى وعلى مساحة المستودعات ..
فالمضحك المبكي مثلاً .. يقولون أننا قد خفضنا عدد المستودعات إلى 500 مستودع من أصل ثلاثة ألاف مستودع ، لتتفاجأ أن هذه ال 500 مستودع بنفس مساحة الثلاثة آلاف مستودع على كروكي المدينة اللوجستية ..
غباء مركب !! ..
تغيرت الأحداث وتغيرت المسميات وتغيرت المساحات وتغير المفاوضون ، وبقيت اللجنة صامدة بقيادة المهندس بريك ، و الأستاذ خالد ، والدكتور ممدوح ، ومن خلفهم غران كاملة ..
عملية تهجير يهود الفلاشا أطلق عليه اليهود اسم عملية موسى ، وهنا تم تغيير اسم هذ المشروع إلى مدينة غران اللوجستية في محاولة تلبيس على الرأي العام ، واستعطاف للناس التي لا تعلم بحيثيات هذه القضية.
في عملية تهريب اليهود قبض خاشقجي والنميري ما وعدهم الموساد به من هذه العملية وظنوا أن لن يعلم بهم أحد ، وها هو التاريخ يفضحهم الآن .. التاريخ لا ينسى !
مع تحيات : حميّد