متى يتوقف قطار العنف و متى ينتهي مسلسل الرعب ضد الأطفال ؟!
عندما يهرب أطفال في أيام الاختبارات ماذا يعني هذا ! ..
يعني ببساطة أنهم لم يقدموا في الاختبارات ما يشفع لهم عند والديهم ، وبالتالي لن يسلموا من العقاب الذي يصل إلى الرعب و العنف ، فيكون الحل الوحيد في نظرهم و تفكيرهم كأطفال هو الهرب ، وبعد أحد أيام الاختبارات يقررون الهرب و الاتجاه إلى المجهول وعدم العودة إلى البيت ..
عندما أقول أطفال فهم فعلاً أطفال .. طلاب بالصف الثاني المتوسط فلم تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة ، فيبدأ البحث عنهم من قبل أهل البعض منهم ، وكذلك إدارة المدرسة والشرطة ، وعندما يتم العثور عليهم بعد ثلاثة أيام متوالية بعيداً عن دفء والديهم يأتي أحد الآباء ليقول للشرطة “أنتم كبرتوا الموضوع وهؤلاء أولاد لا خوف عليهم يخرجون ويرجعون من أنفسهم” ..
طفل في الرابعة عشرة من عمره يخرج يهيم على وجهه بالشوارع ولا أحد يسأل عنه حتى يرجع من نفسه ، إني أتساءل كيف لهذا الأب وأمثاله يهنأ لهم أكل و شرب وأطفالهم خارج البيت لا يعرفون عنهم شيء ؟! ..
ولا يعرفون ماذا يفعلون وماذا يفعل بهم ؟! .. وكيف لهذا الأب وأمثاله أن يغمض لهم جفن وأطفالهم خارج البيت هائمون على وجوههم في الشوارع لا نوم ولا دفء ولا أكل ولا شرب ؟! ..
هؤلاء أطفال صغار و هم صيد سهل ومغري لعصابات المخدرات و المجموعات الإرهابية والعصابات الغير أخلاقية.
عزيزي الأب .. وأنت جالس تأكل وتشرب و تضحك في بيتك مع بقية أفراد عائلتك وطفلك هذا ذو الرابعة عشرة من عمره ربما هو الان في أيدي مجموعة إرهابية ، يعدونه ويجهزونه بلبس الحزام الناسف حول جسده الغض استعداداً ليذهب ويفجر نفسه باسم الجهاد ، و أنت جالس في البيت بقلب بارد تقول هذا ولد ما ينخاف عليه يخرج ويرجع من نفسه ..
عزيزي الأب .. إن الذي شرع لك التعدد وأعطاك الحق في الزواج من مثنى وثلاث ورباع و لم يعطك الحق في ضياع أطفالك وإهمالهم ، و إذا ربي أعطاك نعمة الذرية و لديك مجموعة أطفال فهذا لا يعطيك الحق بأن تهمل بعضهم أو أحدهم وترمي به إلى التهلكة و الضياع ، و الذي بدايته عنف أسري من الأهل الذين لا يعرفون الرحمة ولا حسن التربية ، فينهالون بقسوة على أجساد الأطفال التي لا تحتمل العنف ..
عزيزي الأب .. إن الذي أعطاك حق القوامة وجعل الطلاق بيدك لتطلق زوجتك فتصبح الأم بعيدة عن أبنائها ولا تستطيع الاهتمام بهم ، إن من أعطاك كل ذلك لم يعطك الحق في إهمال الأبناء بعد طلاق أمهم ، فعليك مضاعفة الجهد لتعويضهم فقدان حنان الأم ، فلم يتبقى لهم في البيت إلا أنت ، فإذا قسوت عليهم أنت أيها الأب فمن يحنو عليهم ! و إذا أرعبتهم أنت فأين يذهبون ! وعن عنفك أين يلجؤون ! وأين يبحثون عن الحنان و الأمان ! ..
عزيزي الأب .. الأبناء أمانة في أعناق والديهم ، و حتى وإن طلقت أمهم فهم أبنائك وأنت مسؤول عن حسن تربيتهم ، فالأبناء إذا وجدوا العنف في البيت سيبحثون عن الأمان خارجه ، ومن لم يجد الأمان و الحنان داخل بيته فلن يجده خارجه أبداً ، ولن يجد خارجه إلا الضياع بكل صوره وأشكاله ، و العنف ليس من التربية في شيء ، فالشدة الزائدة ترخي ، تجعل ابنك يفلت من بين يديك ويهرب إلى المجهول والطريق المظلم .
عزيزي الأب .. لا تجعل الرفق يُنزع من قلبك فبالرفق والمحبة تكسب أطفالك ، لقد قال رسول الله صَل الله عليه وسلم ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه ) .
فاصله :
لقد وجهت كلامي هنا للأب لأنه هو ربان السفينة ، فعلى كل ربان سفينة أن يحسن قيادتها كما أمره الله .
نوف الحربي
مقالات سابقة للكاتب