كنت في أحد المحلات، ولفت انتباهي أنَّ أحدهم يضع مطاطاً حول معصمه.
قادني هذا المنظر إلى التفكير في القيود التي نضعها على أنفسنا، ونطوق بها أعمارنا، ونُكبّل بها حركتنا؛ وبالتالي تقيدنا، وتَحدُّ مِنْ الركض نحو تطلعاتنا.
يقول عالم النفس كارل يونغ:
“الإنسان نفسه هو أكبر خطر على الإنسان، حيث لا توجد حماية كافية ضد الأوبئة النفسية التي هي أكثر تدميراً من أسوأ الكوارث الطبيعية”
فلو تمكن الإنسان من التحرر من القيود النفسية الوهميّة، عبر عن ذاته وقدراته الكامنة؛ كلما زاد حظه في بلوغ غايته الأسمى.
يقول الشاعر الفرنسي بول فاليري:
”أن تكون أنت. يا لها من مهمة شاقة”
ويقول المفكر علي الوردي في كتابه الشهير (خوارق اللاشعور):
“هناك ثلاثة أنواع من القيود التي تؤثر على
عقل الإنسان في تفكيره، أو عند نظره في الأمور، وهي القيود النفسية، والقيود الاجتماعية، والقيود الحضارية”
وبالتالي فإنه كلما ازدادت شدة وكثرة هذه القيود؛كلما كانت العودة الى طبيعتنا أكثر صعوبة وأكثر ألماً.
في حين أنه كلما انخفضت هذه القيود وقلَّ عددها؛كلما كانت العودة أكثر سهولة وأقل ألماً.
والأكثر حظاً والأوفر نعمة من سلَّمَ نفسه من القيود صغيرها وكبيرها، قليلها وكثيرها.
فعليك أن تتدبر أحوال نفسك، وتتعرف كم مطاطاً قد وضعته حول معصمك، وتعرف طريقة واعية للتخلص منه، ومن ثم تخلعه إلى غير رجعه.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي