بسم الله الرحمن الرحيم….
توقفت كثيراً أتأمل الآية الكريمة في سورة الإسراء وتعجبت كثيراً من قول كفار قريش لسيدنا محمد ﷺ والذي حكاه لنا ربنا في هذه السورة والموقف المشركين دعونا نقرأ سوياً هذه الآية الكريمة يقول الله تعالى بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا) ، أي غرور هذا وأي صلف وغطرسة واستكبار ولماذا كل هذه المطالب اليس في الدنيا بشرا وخلقاً غيرهم والله غني عن عباده وهم اليه فقراء إن الله له خلق لا يحصيه الا هو سبحانه في السموات وفي الارض وفي كل بقعة من هذا الكون الفسيح الذي يحير عقول البشر وكل هذه المخلوقات تسبح الله وتقدسه ومن هم هؤلاء المتغطرسون الظالمون لأنفسهم ومن يضمن لو أنهم أُعطوا ما طلبوا أنهم بعد ذلك سوف يؤمنون، هم كاذبون مخادعون دجالون بدليل أن أحدهم قال لرسول ﷺ كما ذكر القرطبي في تفسيره لهذه الآية ( وقام معه – أي مع رسول الله ﷺ – عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وهو ابن عمته ، هو لعاتكة بنت عبد المطلب ، فقال له : يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ، ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول ، ويصدقوك ويتبعوك فلم تفعل ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم ومنزلتك من الله فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل – أو كما قال له – فوالله لا أومن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ، ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها ، ثم تأتي معك بصك معه أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول . وايم الله لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك) ألم اقل لكم إنهم مخادعون وقومٌ غُدر وغرهم حلم الله ورحمته ثم حرص الرسول محمدﷺ على إيمانهم ليخرجهم من الضلال الى الهداية ومن الظلمات التي يعيشون فيها الى نور الحق الأبلج ومع ذلك يقول الرسول الكريم والرحمة المهداة للبشرية ﷺ عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : (قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” مثلي كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حولها ، جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها ، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها ، فأنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تقحمون فيها) ومع ذلك كله يضعون الشروط التي يظنون لقصر رأيهم انها معجزة وما علموا أو أنهم علموا وعاندوا أن الله مالك الملك لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض وأنه يقول للشيء كن فيكون في لمح البصر أو هو أقرب هو المتصرف في خلقه وبرغم كفرهم وعنادهم عاملهم الله بلطفه فأرسل لهم رسولاً منهم ليدلهم على الخير ولما فيه سؤددهم وشرفهم وأن يجردوا عقولهم من ضلالها وتحكم الشيطان بها وبدلاً من ذلهم وتحكم الامبراطوريات التي كانت تتحكم بهم من روم وفرس أعطاهم ملكاً وجعلهم سادة وقادة على الأمم يفتحون دولاً وأمبراطوريات ما كانوا يظنون أنهم يبلغوا شأوها كانوا يعبدون حجارة صماء واخشاب لا تضر ولا تنفع ميلادهم أقدم من ميلادها خلقها الله لنفعهم فجعلوها آلهة يسجدون لها ويقدمون لها القرابين بزعمهم أنها تقربهم الى الله زلفى جاء محمد رسول الله ﷺ ليعلمهم ويخبرهم أن ربهم وخالقهم قريب مجيب لا يحتاجون للوصول إليه إلى واسطة وأنه سميع بصير ليس كمثله شيء ويخبرهم أن هذه الآلهة إنما هي من تخطيط إبليس وتلبيسه لكي يجعلهم رهائن لشهواتهم وضلالهم وسوء منقلبهم ومع ذلك طلبوا ما طلبوا من أمور ظنوا كما اسلفنا أنها تعجزه ليظلوا سادة مكة لا ينازعهم فيها احد ولأن السيادة والريادة هي غايتهم ومطمعهم قالوا لرسول الله ﷺ لو اردت جاها وسيادة توجناك ملكاً علينا مساكين لم يدركوا ان الأمر أكبر من النفوذ والجاه الدنيوي بكثير وأن الأمر متعلقاً بالخلود في الآخرة بالجنة والنار وهذا الأمر يظل إلى قيام الساعة الصراع بين الحق والباطل بين أنصار الحق ومناصري الباطل وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح وأمر الله نافذ لا محالة وأن الباطل مهزوم وسوف يدمغه الحق فيولي دون رجعة…
فاللهم بصرنا بعيوبنا وأنر لنا طريق الحق والعدل والرشاد.
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب