لا يختلف إثنان على أن أسمى هدف يسعى له كل مسلم في هذه الحياة القصيرة (أن يغفر الله له ذنبه )، وأن يقبل توبته وأن يطهره من أدران كل معصية قد إقترفها وهذا شأن المقبلين على الله الساعين لمرضاته ، الذين لا يأمنون أن يباغتهم الموت وتنتهي بهم الحياة وهم في ( غفلة معرضين ) ، فتجده يتحين أوقات الإستجابة إما (بين الآذان والإقامة) أو ( قبل التسليم ) أو في (جوف الليل) و غيرها من الأوقات التي جاءت في السنة النبوية ، وبما أن لشهر رمضان من فضائل عديدة خصها الله عن سائر شهور العام فتجدنا نلهج بالدعاء في كل عام بأن يبلغنا الله هذا الشهر الفضيل لعلنا نكون من (عتقاء النار والفوز برضا العزيز الغفار) ، بها يشمر المسلم عن (ساعديه) ويصوم نهاره ويقوم( لياليه) ساعة في تلاوة ( القرآن) وساعة في ذكر ( الرحمن ) يجاهد نفسه في فعل – الطاعات – و ترك -المحرمات- مقبلاً على الله بكل جوارحه لما في هذا الشهر من مضاعفة الحسنات و الأجور ، قد جد في حرصه على اغتنام فضل أيامه المعدودات المباركات .
وما أن تنصرم منه الليالي (ليلة تلو الليلة) حتى نصل الى لحظة توديعه مستقبلين ليال العيد والتي تكثر فيها ( المجالس و السمر) فمن كان بالأمس حريصاً على( كسب الأجور في خير الشهور )، من باب أولى أن يكون أكثر حرصاً ومجاهدة بعدم التفريط بحسناته و مكتسابته ، فقد قال الإمام ابن تيمية – رحمه اللّٰه -:
أسوأ أنواع الكرم هو: كرمك في إهداء حسناتك للآخرين، غيبة ونميمة، وبھْتاناً وسباً وأجمل أنواع البخل هو: أن تمنع نفسك من هدر الحسنات.
فعندما تكون في مجلس ليس بالضرورة :
أن تهزأ بأحدٍ من أجل إضحاك الحاضرين أو تأتي بنميمة تريد بها إيذاء الغائبين ، أو تغتاب أحداً من الغافلين .
من أجل أن يقال عنك ( سمير ليلٍ ) أو ( سيد مجلس ) أو من أجل رغبة تجمح في صدرك لكسب ( إعجاب الجالسين) .
فو الله إنه من الخسران المبين أن تهدي حسناتك للآخرين.
ومن أعظم الحسرات التي قد تلحق بالمرء يوم الحساب أن يرى طاعته وحسناته التي جد و جاهد فيها طيلة حياته وهي توضع في ميزان غيره .
عبدالقادر رجاء الله الجبرتي
مقالات سابقة للكاتب