تصور معي أنه قد جاءتك هدايا وأنت تعلم أنها هدايا قيمة جدا، لكن بعض هذه الهدايا جاء في غلاف جميل والآخر قبيح، هل يهمك شكل الأغلفة إن علمت أن الهدايا التي في الداخل هدايا ثمينة وقيمة وعظيمة؟.
كذلك هي أقدار الله، إذا علمت أن كلها خيراً فلن يهمك كثيرا إن كانت في غلاف منحة أو غلاف محنة ما دمت على يقين بأن الله يريد بك خيراً مهما قدر عليك وفعل بك فكل ذلك لمصلحتك.
عادة ما يخاف الإنسان ويقلق من المستقبل لأنه مجهول بنظره والإنسان جبل على الخوف من المجهول.
لكن هذا الخوف يُنغص على أهل الدنيا سعادتهم مهما كان عندهم من النعيم ويمنعهم من الاستمتاع بها.
فإن أصحاب المال في خوف دائم من الفقر وأصحاب الصحة في خوف من المرض وأصحاب السعادة في خوف من زوالها ومن له أحباب في خوف من الفقد..
إذن ما الحل؟.. كيف تتخلص من هذا الخوف؟.. وكيف تعيش اللحظة من دون أن تخطر لك تلك المنغصات؟
ببساطة عليك أن تفعل أمرين:
أولهما: ان تكون ابن الوقت كما قال العلماء.
كيف ذلك؟!.. أي أنك إذا كنت في ساعة معينة فتلك هي كل حياتك فلا تعول هم الساعة التي تليها فقط دعها تأتي بهمومها أو أفراحها فلن يمنع قلقك عنك الهم ولكن سيسرق منك متعة تلك الساعة!
ثانيا: اتخذ قرارا بالرضا على قدر الله مهما كان.
قد يخطر لك أنه من الممكن أن تتخذ قراراً بالرضا والصبر وقد يُقدر الله عليك مصيبة عظيمة تظن أنك لا تستطيع الصبر عليها، تذكر أن الله سبحانه وتعالى قال: (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدي قلبه).. هذه الآية تحمل معانٍ عظيمة منها أنه من يسلم أمره لله سبحانه مؤمنا به حقا فإن الله تعالى سيهدي قلبه ويثبته ويعينه فالرضا والصبر هم ثمرة امتلاء القلب بالإيمان بالله تعالى والتسليم له.
فكلما جاءك هاجس الخوف من المجهول جدد العهد والوعد بأنك سترضى وتكون شاكراً وصابراً على كل الاقدار.
وثق بمعونة الله لك وانغمس في اللحظة.
إذا فعلت ذلك فلن تخاف من المستقبل لأنه لم يعد مجهولاً بل أصبح صفحة مكشوفة لك.. كيف؟ ببساطة بعد أن اتخذت هذا القرار فإنك على يقين بأن كل ما يحصل هو لخيرك ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
الجميل في الأمر هنا أن المسألة لم تعد أقدارا مجهولة ولم يعد مهماً ظاهر الأمر غنى أم فقر،صحة أم مرض، بقاء أحباب أم وفاتهم.. أنت من سيجعل كل هذا يؤول لمصلحتك إذا اتخذت قرار الشكر والصبر، وأنت من ستسعد بكل اللحظات الجميلة بدون أن يكدر صفوك الخوف من ما يليها.
أمجاد الحازمي
مقالات سابقة للكاتب