بما أنَّ الزمن تحرُّك الوعي، وانتقال الفكر وتحوُّل مساره؛ فإننا لا نستغرب تَشكُّله في ذاتية محضة.
ولنتبصَّر قول أحدهم:
كنتُ مستمتعاً بوقتي؛وإذا بالوقت يمضي في سرعة الضوء.
وهذا القول يأتي كدلالةٍ واضحة تُجّلِي الرأي الراجح في مسألة الزمن التي ترى بأن حالنا مع الزمن غالباً ما نجعله شخصياً ومرتبطاً بتجاربنا الذاتية.
فحالما تتكون الفكرة في عقلك؛يظهر المُرَاقِب مع الشيء المُرَاقَب.
وهكذا نكتشف أنَّ كل شخص يعيش في واقعين:
الأول:
الحالة الصامتة للوجود التي لا يدركها الزمن، وهي موطن “منتهى البهجة والسعادة” والتي عَبَّرَ عنها عالم النفس ميهالي بــ “التدفُّق النفسي” وهي حالة الانغماس والاستغراق في المهمة إلى درجة لا يشغلك عنها شيء آخر.
الثاني:
العالَم النسبي المملوء بالتجارب والأحداث.
والفكر عادةً يحيا في مثل هذا العالم بقيامه الدائم بدور المُراقِب مُركّزاً على الشيء المُراقَب.
وأنت عندما تُركّز على الحاضر؛تَصطفُّ إلى جانب الصنف الأول من الواقع وقدرته الكامنة على بلوغك بهجة وسعادة متفردة.
ولكن إذا ركزت على الصنف الثاني وتغيُّراته المستمرة؛فإنَّ عقلكَ سيقع أسير الزمن الذي بدوره سيجلب معه كل التأثيرات السلبية.
لذا على الإنسان أن يُعيّد النظر في الزمن؛ لكونه تحرُّك الفكر وانتقاله وبالتالي يمكنه استعمال صورتك الذاتية (الأنا) كمرجع داخلي يُمّسك بزمام الأمور في حياتك.
ومن أمثلة ذلك،أنك تُقيّم كل تجربة تعيشها وتضع شرطاً لها وهو انتصارك وتفوقك فيها،وأنك تقوم بصياغة قصة وتؤلفها حتى تنال رضا (الملكة الأنا).
وهذا كله يحدث دون وعي أو إدراك منك.
وأول خطوات الخروج من هذا المأزق الفكري الذي تعيشه هو أن تدرك نقطة الالتقاء بين الخفيّ وغير المُدّرَك من عالم الروح، وبين العالَم الظاهر المرئي الذي تقبله كواقع قائم.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي