وماذا بقي لأقول عن هذه الرحلة (الثادقية) (الحيدرية) (الدريهمية) إلاَّ خلاصات تقويمية وشذارت استداركية نختتم بها هذه المقالة الرحلوية.
ولعل فاتحة الخلاصات التقويمية ما أبدعه الزميلان (عبدالله الحيدري وعبدالله الدريهم) في إعداد خطة وبرنامج عمل حافل منظم.. ومرتب ومستوعب لكل ما من شأنه إنجاح هذا الملتقى.. بدءاً من اختيار المسمى (ملتقى وادي عبيثران) الثقافي/الأدبي – التي لم تذكر في المطبوعات المصاحبة – وهو اسم دال وموح بالمنطقة التي تزار فمحافظة (ثادق) وقراها ومراكزها تقع على هذاالوادي الذي تسمى بـ(العبيثران) أو (البعيثران) وهي النبتة العطرية المعروفة بها جنبات وضفاف هذا الوادي فكان اختيارا ً أدبياً، وثقافياً جامعاً ومانعاً لهذه الزورة/ الرحلة الثقافية والأدبية التي قام بها جمع من الأدباء والمثقفين من جمعية الأدب العربي ومقرها جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وجمع من رؤساء الأندية الأدبية، وجمع من الأدباء والمثقفين خارج هاتين المؤسستين ويمثلون خليطاً من مناطق بلادنا السعودية!!
وتأكيداً لهذا الاسم المختار جاء البرنامج المخطط للفعاليات والأمسيات والزيارات الذي يتسم بمجموعة من الملامح الاجتماعية والوطنية والثقافوية، ومنها استثمار اليوم الوطني الجديد المسمى بـ(يوم التأسيس) ليكون شعاراً للأمسية الشعرية المقامة بهذه المناسبة لجمع من شعراء الوفد الأدبي/الثقافي الزائر، وكانت على شرف سعادة المحافظ الأستاذ علي بن عبدالله القرني.
وكان هذا اليوم بتاريخ 22 فبراير 2022م، مع بداية الزيارة والأمسية الشعرية مساء الأربعاء23 فبراير2022م!!وكان هذ ااختياراً موفقاً ينبئ عن حدس ثقافي/ وطني/ مجتمعي يتمتع به الزميلان منظما هذه الرحلة/ الزيارة فجزاهما الله خير الجزاء.
كما أبدع الزميلان في إشارك المجتمع الثادقي (وجهاء، وأفراد، ومؤسسات) في الاستضافة والمشاركة الفعالة في كثير من برامج الزيارة.. فعلى مستوى المؤسسات المجتمعية وجدنا الاحتفاء من:
(1)جماعة تحفيظ القرآن الكريم بالمحافظة فقد جهزوا لنا قاعة (الغثبر) للمؤتمرات والمناسبات التابعة لهم لاستقبال الوفد الزائر وإقامة الأمسية الشعرية مساء الأربعاء 1443/7/22هـ = 2022/2/23م كما جهزوا لنا حافلة نظيفة مكيفة لنقل الزوار وإيصالهم وتحركاتهم في جهات وأنحاء المحافظة، فلهم جزيل الشكر والامتنان، وفي هذا السياق يأتي دور اللجنة الثقافية التابعة لنادي الرياض الأدبي ورئيسها الشاعر عبدالله الدريهم في الإعداد والتنظيم لهذه الأمسية.. والمشاركة مع الدكتور الحيدري في التخطيط والتنظيم والاستقبال.
(2) استراحة البلدية: التي جهزتها وهيأتها بلدية (ثادق) والمجلس البلدي على أحد المرتفعات الجبلية المطلة على طريق الملك عبدالعزيز الشارع الرئيس في المحافظة وبإطلالة جمالية/ فاخرة لاستضافة الفعاليات والمناسبات الاجتماعية والوطنية، وقد شرفتنا بهذه الاستضافة المعتبرة لتثبت دورها في خدمة المجتمع وضيوفه الزائرين وذلك بمأدبة غداء فاخرة ظهر الخميس 1443/7/23هـ.
(3) منتزه ثادق الوطني: وهو الذي يشرف على مشروع استزراع (وادي عبيثران) ليصبح أحد روافد هذا المنتزه الوطني الكبير، وقد استضافونا في فعاليتين مهمتين أولاهما المشاركة في زراعة الوادي بالشتلات المناسبة، وثانيهما أعدوا لنا استراحة ومضافة ضحوية عامرة بما لذ وطاب من خفيف الأكل والمشرب، وفي هذا السياق لاننسى دور (رابطة ثادق الخضراء) التي تسهم في هذا التشجير والحفاظ على البيئة من التصحر ضمن حملة (لنجعلها خضراء) التي تقوم بدور كبير في خدمة البيئة والمكان!! فجزاهم الله خير الجزاء!!
(4) متحف قصر (بيت) الجماعة: التابع لوازرة السياحة الذي أقيم على إحدى القصور التراثية الذي كان مقراً للحاكم الإداري/ أمير المنطقة فبعد ترميمه وتجهيزه تحول إلى متحف يضم الكنوز التراثية في كل المجالات وقد استضافنا المتحف صباح يوم الخميس 1443/7/23هـ وأولم لنا وجبة إفطار تراثية/ ثادقية، وجولة سياحية تعريفية بأركان المتحف وقاعاته ومحتوياته فجزى الله القائمين عليه بكل خير.
(5) منتزه قارة ابن عمار: وهو الجبل المعروف بالشاعر محمد بن ارشد ابن عمار الذي اعتزل الناس والمجتمع في كهف (غار) بهذا الجبل المطل على ثادق فعرف باسمه وقد استثمرته بلدية (ثادق) لتحوله إلى منتزه جبلي ومعلم جمالي يتوسطه شلال ماء صناعي ينحدر من أعلى المغارة وينزل في مجرى مائي يتلوى حول الجبل ليصب في نوافير جانبية تعطي شكلاً جمالياً مع الإضاءات والأنوار الملونة، وزراعات نباتية عطرية محلية. وقد استمتعنا بجولة عصرية سياحية جمالية في هذا المنتزه.
والجدير بالذكر هنا أنني لم أشاهدالمرأة الثادقية طوال أيام رحلتنا هذه.. فلم أشاهدها في الأسواق والطرقات، ولم أجدها في قاعة المحاضرات ليلة الأمسية الشعرية الوطنية، ولم أجدها إلا هناك في هذا المنتزه عصر الخميس 1443/7/23هـ – وجدتها محتشمة – محجبة يكسوها الحياء والتدين والعفاف، وجدتهن مجموعات من السيدات يتحلقن في جلسات عائلية في الساحات الخضراء وبعضهن صعدن إلى أعلى الجبل، وفي طريقنا ونحن صاعدين كَّن في مرحلة النزول فالتقيناهن في الممر/ الطريق حيث حادثهَّن مضيفنا الشاعر عبدالله الدريهم واعتذر إليهن من كثرة الرجال فهم وفد أدبي ثقافي يزور المحافظة، فرحبن بنا وتنحين عن طريقنا لنواصل الصعود إلى أعلى الجبل/ القارة!!
كان هذا الموقف مما لاتنساه الذاكرة الرحلية لطرافته وأهميته..فالمرأة نصف المجتمع وفي عهد الرؤية الطموحة 2030 أصبحن من التمكن والتمكين في مصاف متقدمة مع نصفهن الآخر فلله الحمد والمَّنة!!
(6)منتجع المنارة: لصاحبه الشيخ الوجيه محمد بن يحيى الماجد، الذي أعَّده للزائرين والضيوف والسياحة الداخلية حيث وفر فيه المجاري المائية التي تصب فيه المياه من البئر المحفورة بطريقة الري التقليدي، واسطبلاً للخيول، ومتحفاً للتراثيات. وقد استضافنا الشيخ محمد آل يحيى الماجد على مائدة إفطار ت ارثية صباح الجمعة 1443/7/24هـ وجولات سياحية تعريفية على المنتجع وفضاءاته ومحتوياته فله جزيل الشكر وغاية الثناء والتقدير.
هذا على المستوى المؤسساتي الذي أسهم في استضافة الوفد تعبيراً عن الاحتفاء والمشاركة المجتمعية. أما على مستوى الأفراد والأسر والوجهاء فسيأتي الحدث عنه في الحلقة القادمة إن شاء الله.