وقال مخاطباً حجاج بيت الله الحرام: “إنه بقَدْرِ الكَدِّ تُكتَسَب الرُّتَب، والمسبَّبُ يكونُ بحَسَبِ السبب! ها أنتم قد أنفقتُم كرائمَ الأموالِ والأوقات، فنَعِمتُم ببلوغ أعظمِ المساجدِ وأكرِمِ المَقامات، وأتمَمتُم خامسَ أركانِ الإسلام، وأجبتُم دعوةَ الخليلِ إبراهيمَ عليه السلام، فهنيئًا لكم هذه المِنّةَ العظيمة، والمنحةَ الكريمة، وتوَّجَ اللهُ عملكم بالقبول، وخَتَمَه بخاتَمِ المغفرةِ ودَرَكِ المأمول، ولقد غَنِمتُم من الحجِّ أنفسَ المَكاسِب، ونَهلتُم منه أهْنأَ المَشارِب، رأيتُم قيامَه على التوحيدِ، واطَّراحَه للشركِ والتنديد، فلا يُعبد إلا اللهُ وحدَه، ولا يُدعى غيرُه، ولا يُطافُ ويُنحَرُ إلا له جلَّ جلالُه، وقد أفدتُم من الحجُّ كَبْحَ النفسِ عن الوقوعِ في العِصيان، والانزلاقِ في مَصايِد الشيطان، والصبرَ على طاعة الرحمن، فإياكم والانتكاسَ بعد الاهتداء، والارتكاسَ بعد الاصطفاء، وخَلْعَ ثوبِ الطُّهرِ والنَّقاء”.