تحت ظل هذا الفضاء الواسع من النشرات والأخبار ومن مُختلف وسائل التواصل الاجتماعي ، انتشرت عدة قصص في عصرنا هذا عن اللاجئات السعوديات ، منهن من تبحث عن الحرية والعيش بحياة فردية ومنهن من تعتقد أنها تعتق نفسها من الإيذاء والعنف الأسري الذي تواجهه مع أسرتها وغيرهن الكثير في عدة أهداف ودوافع واتجاهات مختلفة ..
وفي الأونة الأخيرة هذا ما شاهدناه وعرفناه تجاه “قصة وسام السويلمي” وكانت تتحدث عن حالتها حيث لجئت إلى الهروب خارج البلاد ، فيما ذكرت بين ثنايا حديثها موجّه لعامّة الفتيات السعوديات : “لكل فتاة تظن أن الهروب هو الحل أقسم لكِ بالله أن الهروب من المشكلة ليس بِحلّ” ، الهروب في الأصل هو هروب من مشكلة للبدء في مشكلة جديدة ، لمملكتنا جهود عظيمة وفضل كبير بعد الله على كثير من أبنائها و مواطنيها وحرصها الدائم من أفكار التطرف والإنحراف ، فالوطن هو الحضن الدافئ الذي نطمئن إليه نشم رائحة الأم وحنانها وأمان الأب وكرمه ، الوطن الذي نولد فيه ونتربى ونترعرع ونكبر في كنفه ، ونتمنى أن نموت وندفن فيه ، ليس من السهل أن نهرب منه ونتحرر من قيمه ومبادئه مهما واجهنا من صعوبات ..
إن توعية وتبصير هؤلاء بالسياسات والخطط المرسومة والإستفادة منها داخل ما تقدمه بعض المنظمات هو أجدى وأكثر نفعاً من اللجوء أو الإغتراب! ، اللجوء إلى الخارج دون اتخاذ قرارات واضحة مبنية على استراتيجية التنبؤ والتوقع قد يؤدي إلى تدهور وتدمير شباب وشابات بعمر الزهور تحت ما يسمى “الحرية” ، مما نتج عن هذا المصطلح ضحايا كثيرة..
إن مملكتنا ووطننا ليس بحاجة لكل فرد لاجئ أو مغترب عنها ، فالفرد هو من سيحتاج إلى وطنه و يستظل تحت ظله وينمو تحت نماءه وينهل من خيراته وتتشكل هويته تحت مسمى ( الجنسية السعودية ) ، ويتضمن مفهوم الاغتراب فيما حددته دائرة المعارف البريطانية بأنه شعور بالعجز وهو إحساس الفرد بأن مصيره متروك لغيره وتحدده مصادر خارجية ، شعور بـ اللامعنى وهو عدم الفهم الكامل أو عدم وجود معنى الذات في أي مجال من مجالات العمل وأن الحياة ليس لها معنى أو هدف ، شعور بـ اللامعياريه وهو عدم الالتزام الكامل بالتقاليد والضوابط الاجتماعية ، شعور بالعزلة الاجتماعية وهو الإنزواء أو الوحدة في العلاقات الاجتماعية ، وكذلك العزلة الثقافية وهو شعور الفرد بأن القيم الموجودة في المجتمع غريبة عليه ، وفي معنى آخر بما يراه الفيلسوف الألماني هيجل أن الاغتراب حالة من التحصيل الناتج عن تفاعل الفرد مع الحياة والتجارب الذي يبني فيه الإنسان داخل عقله وكيانه عالماً مثالياً يفترض فيه ما يشاء ثم ينصدم بعد ذلك بما هو حقيقي وواقعي ، وفي معنى أشمل وأعم أن الاغتراب هو انفصال الفرد عن نفسه وعزلته فيصبح غريباً أمام نشاطاته وأعماله ويكاد يفقد إنسانيته .
غدير العنزي
إخصائية إجتماعية
مقالات سابقة للكاتب