العاملون في ميدان التعليم من معلمين ومعلمات ودكاترة وقيادات ومسؤولين هم الأهم في كل وطن .. !!
والجواب ببساطة عن ذلك .. لأن كل من يعمل في كل مجتمع هو خريج هذا الميدان دون استثناء.
ولذلك فالاهتمام بالعملية التعليمية وبجاذبية بيئتها يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومات.
اسمحوا لي أن أقول بأنني لا أعد التعليم *(وظيفة)* بل هو *(رسالة)* لكل معلم ومعلمة وعضو هيئة تدريس في هذا الميدان التربوي الجليل.
أقول بأنه رسالة لأن كل معلم ومعلمة ودكتور يجب أن يحمل في شخصه كل قيم ومسلمات دينه وكل مقومات وطنه لتكون حاضرة في كل أدائه ومناهجه وبرامجه.
*قيمنا وأصول وحدتنا لا تطرح فقط في مادة التاريخ والوطنية والاجتماع .. بل في كل مادة دون استثناء ..!!*
في الطب كيف أصبح وطننا مرجعا في معضلة الأطفال السياميين وكيف يمتاز الحقل الطبي بكفاءات رائدة وكيف نجعل من مستشفياتنا وطريقة حوكمتها نموذجا نذكره في ثنايا تعليمنا .. وفي العلوم كيف نربط اكتشافاته العلمية بتاريخ وعظمة علمائنا الذين سبقوا الغرب والشرق في أصولهم العلمية .. ففي الوقت الذي كانت أوروبا تصارع الأمية بما يزيد على 95 بالمائة من سكانها كانت حضارتنا تخرج الطلاب من جامعاتها.
(ومن يريد المزيد فليقرأ ثناء الغرب على أثر العرب في الحضارة الإنسانية)
وهكذا في كل العلوم نربط تراكمية تعليمهم بأصولهم التي أشرق علم العالم بسابقتهم.
ولنقرأ هذا الشاهد : (فقد أشاد أحد الباحثين الغربيين وهو “روبرت بريفولت” بالحضارة الإسلامية فقال: “إن القوة التي غيرت وضع العالم المادي كانت من نتاج الصلة الوثيقة بين الفلَكيين والكيميائيين والمدارس الطبية، وكانت هذه الصلة أثرًا من آثار البلاد الإسلامية والحضارة العربية، إن معظم النشاط الأوروبي في مجال العلوم الطبيعية إلى القرن الخامس عشر الميلادي كان مستفادًا من علوم العرب ومعارفهم) ..
واسمحوا لي أن أقول بأنه يحزنني من يفصل بين العلوم بقوله بأن هناك (علوما نظرية وعلوما عملية) وردي على هذا بأن علومنا كلها عملية .. فنحن نقرأ (التوحيد) لنعبد الله (عمليا) على بصيرة .. ونقرأ الفقه لنستجيب (عمليا) لأحكام الله .. ونقرأ التاريخ لنأخذ (عمليا) العظة والعبرة .. ونقرأ الاجتماع لننمي مجتمعنا ونحل ونحد من مشكلاتنا .. وهكذا الرؤية الدقيقة للعلوم .. وخلاصة رأيي هنا أنه *( لا علم دون عمل).*
وهذا المعنى الأهم يجب أن يكون حاضراً في مختلف فصولنا وقاعاتنا التعليمية.
ومما تجدر الإشارة إليه في سياسة التعليم أن نؤكد دوما على *ترسيخ أمور ثلاثة في مختلف المواد والمناهج والبرامج وهما :*
أولا : الاستصحاب الدائم لقيمنا ومسلمات عقيدتنا.
ثانيا : التناول الدائم لأمننا ووحدة أمرنا .. وترسيخ المواطنة في سلوكنا.
ثالثا: الربط المستمر بين ما نعلمه ونتعلمه وبين تنمية مجتمعنا.
*كل هذه المعاني الجلية يجب أن تكون حاضرة في أداء ( رسالة التعليم) من كل من ينتمي له وإليه.*
ومن السياسات المهمة في جاذبية التعليم أن لا يفاجئ الميدان بما يربك منظومته أو بمواد طارئة وليست أصيلة حيث تأخذ وقتا أو تزاحم أولويات في الميدان العلمي والتربوي.
ويظل دور المعلمين والمعلمات وأساتذة الجامعات وقيادته هو (الفارق الأهم ) في تفعيل هذه المنظومة التي تؤسس لتعليم جاذب ومتجدد ومتناغم مع متغيراتنا المعاصرة.
وتوصية أخيرة لصناع مستقبل أجيالنا أن اجعلوا من شخصيات وعقليات طلابكم وطالباتكم *أوقافا لكم* من خلال بنائهم المعرفي وشحذ هممهم فكل كلمة يستفيد منها طالب أو طالبة ستكتب لكم حسنة وصدقة مستمرة العطاء دون انقطاع.
فكيف بمنهج متكامل تحملون أمانة إيصاله لهم في حب دينهم والاعتزاز بأصوله وحضارته وفي ترسيخ معاني وحدة الوطن والعمل على الرقي به ( وهو أهل لذلك) ليكون أنموذجا لبلاد العالم في علمه وتعليمه وقيمه وإنجازاته.
*أحبتي المعلمين والمعلمات وأساتذة الجامعات أنتم من يصنع ذلك كله قبل وبعد كل شيء.*
كل التوفيق في انطلاقة عام جديد 1444 للهجرة.
مقالات سابقة للكاتب