الماضي تاريخ صنعه الأجداد بعرقهم و بجهودهم و بتضحياتهم و أصبح جزء من سيرتهم ..
حفظ السر صفة عظيمة ﻻيقدمها إﻻ العظماء و كبراء النفوس و أصحاب الهمم العالية .. هذه الصفة كان يتحلى بها الناس فيما مضى و اليوم قلما تجد لهذه الصفة وجود أو شبه وجود ..
إن حفظ السر أمانة عند المخبر به فلاينبغي له إذاعة ذلك مهما كانت اﻷحوال بينه و بين صاحب السر ، أن إذاعة السر تعتبر خاينة و صفة ذميمة و علامة من علامات النفاق (إذا أؤتمن خان) ، و كذلك يترتب عليه أمور ﻻيحمد عقباها ، و كم نجد بعض اﻷسرار المهنية و العملية تذاع بين الناس قبل وقوعها و قبل صدور اﻷوامر بإعلانها مما يؤدي إلي إلغائها أو تحويرها مما يلحق الضرر بمن كان سيستفيد منها ، أو الجهة التي كانت سوف تستفيد منها ، لذا يجب على كل من وكل إليه أمر و أمر بحفظه حتى يحين تنفيذه أن يحافظ عليه و ﻻ يصرح به و ﻻ يلمح إليه.
و هذه قصة من الماضي تؤكد مدى حرصهم على حفظ السر و أهمية ذلك في حياتهم .. حيث يروى في الزمان الماضي رجل تزوج بإمرأة و عاش معها حتى مات و لم يصل إليها ﻻ من قريب و ﻻ من بعيد ، و لم تفصح ﻷهلها وﻻ ﻷهله و لم تفش ذلك السر الذي ظل قيد الحفظ منها ، و بعد موت الزوج و انقضاء العدة الشرعية تحدثت الزوجة مع أهل زوجها ليتولوا تصريف أموال ابنهم ، ثم جاء والد المتوفى و بعض إخوته و بدأ الجميع بتفحص اﻷوراق و المستندات فلم يجدوا شيئاً باسم ابنهم و إنما كل شيء كتب باسم الزوجة ، و هنا اندهش الجميع لهول المفاجأة و خاصة الزوجة ، و رفض اﻷب و اﻷخوة أخذ شئ مما وجدوه من أموال و عقارات ، فما كان منها إﻻ أن طلبت من أحد إخوة المتوفى أن يتزوجها حفاظاً على مال أخيهم.
فلو أفصحت هذه المرآة عن ذلك السر لكانت النتيجة فضائح و منازعات بين اﻷسرتين لا يعلم مداها إﻻ الله ، و لكن بحفظها للسر حافظت على العلاقة بين اﻷسرتين و سارت اﻷمور على ما يرام و كأن شيئاً لم يكن !
فيا أيها القراء من الجنسين .. هل تكون هذه القصة حافزاً لنا على حفظ السر و العمل على إحيائه بيننا ، و خاصة بين شبابنا و شاباتنا لتدوم الحياة و تسير قوافل التواصل اﻷسرية و المجتمعية بأمن و أمان .. و الله الهادي إلى سواء السبيل .
عبد ربه المغربي
مقالات سابقة للكاتب