الخوف مكون طبيعي يُزاور الإنسان، ويمارس مروره به بين الفينة والأخرى.
وهو قد يُشيّر إلى خطر حقيقي، لكن الخطر الحقيقي يكمن في خوفنا المُتخَيَّل، فهو يسكن تجاويف الروح، ويخالط تفاصيلها؛فيمنعنا من مواجهة التحديات، ويُقيِّدنا من السير قُدْماً، ويُكبْل جوارحنا عن القيام بالأشياء التي تجلب لنا البهجة والسعادة.
فإذا تمكن الخوف؛ نجد أننا نخشى ألَّا نكون جيدين بما يكفي؛ فلا نُقدّم أفضل ما لدينا،ونخشى أن نرتكب خطأً؛ فلا نفعل شيئاً، بل نحجم عن اتّخاذ أي خطوة من شأنها تحقيق مبتغانا.
ولو أننا تأمّلّنا مخاوفنا؛ لوجدنا أنها ليست حقيقية بالمطلق، فهي غالباً تنشأ في ذهننا من تجارب أو ظروف الماضي.
وهذه التنشئة تجعلنا في حالة انفصال عن قدراتنا الحقيقية.
أحدهم ذكر إن الاختصار في حروف كلمة خوف FEAR يشير إلى:
False Evidence Appearing Real
بمعنى: أدلةٌ زائفة بمظهر الحقيقة.
إن من وعي الإنسان وتمام إدراكه أن يشرع في معاينة مخاوفه، ورؤية الكيفية التي تؤثر في حياته.
ولعلَّ وضْع قائمة بأكثر المخاوف، ثم مباشرة النفس بسؤالها عن مصدر تلك المخاوف، ومعرفة مدى حقيقتها من زيفها، ومدى مساهمتها في جلب البهجة والسعادة من تبديدها وتفرُّق شمّلها؛ يساهم كثيراً في تخفيف سيطرة مخاوفنا على حياتنا.
إنَّ معاينة مخاوفك عن قرب -مع توفّر الوعي الكافي والاستعانة بمختص- يمكن أن يجعلها أقل تأثيراً، ويمكن أن يكون مصيرها التلاشي في نهاية الأمر.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي