الحوار مع الأبناء

الحوار البناء ، الهادف ، مع الأبناء وخاصة في مرحلة المراهقة ، والذي تحوطه الرحمة والاحترام ، وتبعد عنه الأنانية ، وحب الذات ، والعلو ، والتعالي ،هو صمام أمان ؛ لاحتواء الأبناء ، والتعايش مع مشاعرهم وأفكارهم ، بل هو أمان للأسرة والمجتمع من نمو الأفكار الشاذة ، والميول العدوانية ، والاتجاهات المتطرفة ،في نفوس الأبناء ، فمتى كان الحوار هادئاً ، والنقاش متزناً ، بعيداً عن رفع الصوت ، والتهكم والسخرية ، متوجاً بالإنصات الجيد الذي يعبر عن الاهتمام والاحترام ، وتقدير وجهات النظر مهما كان طرحها ، ولغة الجسد ، متوافقه مع أحداث الموضوع ، بكل أريحية ، وانضباط للسلوك ، لكما كانت النفوس متقبلة ، والمشاعر مطمئنة ، والإفصاح والشفافية عالية ، وصولاً إلى التوافق أو القرب منه حتى وإن لزم الأمر ، وقتاً ، لزيادة التفكير ومراجعة النفس ، فإعطاء المساحة الكافية مطلب لتغيير السلوك للأفضل ،
فكم نحن في أمس الحاجة إلى تطبيق آداب وفنون الحوار مع أبنائنا ، حتى يقلد صغارنا ، هذه القيمة ، وهذا السلوك ، فينشأ الجيل ، على مبدأ احترام الحوار ، وتقدير قيمته ، فتتكون بيئة صالحة ، تسودها المحبة والسعادة بالتفاهم والاحترام المتبادل ..

أما اذا كان الأب أو الأم أو المربي ، في موضع تسلطي ، أو استهتار بالحوار وآدابه ، فستكون النتيجة ، فقدان الثقة بالحوار عند الأبناء والبنات ..

فـ بعض الآباء والأمهات ، نشأ على الحدة في مناقشته ومحاورته ، بقصد أو بغيره ، فتجد المفاهمة معه والمناقشة عقيمة ( ما أريكم إلا ما أرى ) هذا السلوك ، مهما حاولت لتصل إلى نتيجة ايجابية مع أبنائك في تحقيق هدف ، أو تعديل سلوك ، لن تصل معهم لنتيجة ، وسوف يستخدمون معك أسلوب ( أبشر ، حاضر ، على أمرك ) بدون قناعة ولا تطبيق للتوجيه ، فقط حتى يسلمون من النقاش والحوار معك .

وعلى هذا ينبغي علينا جميعاً أن نعيد النظر في أسلوب حوارنا مع أبنائنا ، لأننا نسعى جاهدين لاستقرار الكيان الأسري الذي نحن مسؤولون عنه ( ألا كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته )

فمن أبرز آداب وقواعد الحوار المثمر :
١- احترام وتقدير من تحاوره مهما كان وضعه ، صغيرا أو كبيراً ، زوجة أو بنتاً أو قريبة ، فقيرا أو غنياً …

٢- استخدام الألفاظ الراقية الجميلة ، والاعتذار عن أي لفظ قد يصدر ، حال حدة النقاش ( آسف ما قصدت شيئاً )
٣- الانصات والاستماع الجيد لأي شكوى من أبنائك ضد إخوانهم ، ولا تصدر الحكم مباشرة ( أخوك أكبر منك ، أنت المخطئ لابد أن تتحمله ) نعم توجه بالتحمل والمسامحة ، لكن بعد إحقاق الحق ومعرفة الخطأ وتقريره بينهما ، وبيان من المخطئ في حق أخيه .

٤- استعد مع ابنك أثناء الحوار معه بكل أحاسيسك ومشاعرك ، كن في جلوسك على مساواة بينكم في القرب ، ليشعر باهتمامك ، استخدم لغة الجسد بالايماءات التي تدل على متابعته ، والتفاعل معه ، لا تنشغل عنه ، اتركه حتى يكمل شكواه أو حديثه ، لا تملّ من كثرة كلامه ، ولا تقاطعه ، تحلى بالصبر حتى فراغه ، ثم اطلب منه الإنصات لك ، والإجابة على قدر السؤال الموجه له .

٥- استخدم في حوارك الكلمات المشجعة المريحة للنفس ( نعم يابني ، تفضلي يابنيتي، جميل ياولدي ……. بالمقابل ابتعد عن الكلمات الجافة التى تؤثر في النفس وتولد القلق وعدم الراحة ( اسكت ، أعرف كلامك من قبل أن تقول ، أنت كثير الشكوى ، لا تكثر الكلام ، بسرعة أكمل أخرتني ؛ ماني فاضي لك ……..

٦- بالإمكان استخدام الوسائل الحديثة في إكمال الحوار ، رسالة جميلة ، نقاش هادف ، توجيه لطيف ، قصة مؤثرة
لكن الأفضل في الحوار التلاقي والنقاش على طاولة واحدة .
٧- تدريب كل أفراد الأسرة على مبدأ الحوار الهادف ، وتطبيق مبادئه وآدابه بداية من الأب والأم ليكونا قدوة للأبناء ، وتعزيزا لهذا المبدأ بالتشجيع والثناء .

د.صلاح الشيخ
مستشار أسري وتربوي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *