وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “إن صرف النعم فيما يُرضِي المُنعِم، والتقوِّي بها على طاعته، وتوجيهها الوِجهةَ الصالحةَ، واستِعمالها في كل خيرٍ عاجلٍ أو آجِلٍ، آيةٌ بيِّنةٌ على سعادة المرء؛ إذ سلَكَ مسالِكَ أُولِي الألباب، واقتفَى أثرَ المُتقين، ولئن تتابَعَت النِّعَمُ وترادَفَت المِنَن، وتكاثَرَت الآلاء، فكانت غيثًا مِدرارًا لا ينقطِعُ هطُوله، وفيضًا غامِرًا لا يتوقَّفُ تدفُّقُه، عطاءً كريمًا من ربِّنا الكريم الرحمن الرحيم، وتفضُّلًا منه على عباده بغير استحقاق، وإحسانًا منه بغير استِكراه، إذ لا مستَكرِهَ له سبحانه، مبينًا أنَّ النِّعمة الكبرى التي لا تعدِلها نعمةٌ، والمنَّة العظمَى التي لا تَفضُلُها مِنَّة، هي نعمة الهداية إلى دين الإسلام، وإحسانه عز وجل إلى عباده أن بيَّن لهم بما أنزل في كتبه، وأوحى إلى رسله، الغاية من خلقه لهم؛ كي لا تضلَّ الأفهام في معرفتها، فأوضح سبحانه أنَّه خلق العباد جميعًا لعبادته وَحده لا شريك له، فقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وأنه استخلف آدم في الأرض ثم استخلف ذريته من بعده، فقال عزَّ اسمه: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}.