إمام المسجد النبوي يدعو لإغاثة المتضررين من الزلازل في سوريا وتركيا

قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ أحمد بن طالب بن حميد -في خطبة الجمعة-: من عجيب ما تستنطقه حكمة القدر، رسوخ إيمان المبتلى وكفر المعافى وجحوده، فلا تسمع تحت الأنقاض إلا تكبيرا وتهليلا وتحميدا واسترجاعا وتمجيدا، وإن ربكم يستعتبكم ويستأني بكم ويمتحن فيكم رحمتكم، ويبتليكم في أخوتكم، وصدق الرحمة المهداة، صلى الله عليه وسلم إذ قال: “الراحمون يرحمهم الله تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”، فالله الله في إخوانكم دعاء وإعانة، واعلموا أنه ليس بين الله وأحد من خلقه قرابة ولا رحم، وإنما الله قائم بالقسط حاكم بالعدل يبين في ميزانه مثقال الذرة وجزاؤه مرصد للجاني ولو بعد حين، فالله الله الخلوات الخلوات النيات النيات البواطن البواطن، والحمية من الذنوب لعله يتجاوز أو يغفر، وقد علم العارفون أنه ما استدر مثل الاستغفار، ولا استنزل مثل لسان الاضطرار، ولا عرج مثل الصلاة والسلام على الصفي المختار، فهو النبي الأكرم والأمان الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

وأضاف: إن عبدا من عباد الله آتاه الله من العلم ما لا يبلغ نقرة الطير من اليم من علمه سبحانه،كان قد جاء شيئا في ظاهر الأمر لكليم الله إمرا، فخرق سفينة المساكين وأورثهم التمكين فكان خيرا، وجاء شيئا آخر ظنه كليم الله نكرا، فقتل نفسا تبدو زكية، وهي في المآل لو عاشت شقية فكان خيرا، وأقام جدارا لغير أجر حاضر، ولا نفع ظاهر، وكان فيه حفظ مال اليتيم من يد اللئيم، فكان خيرا، فكيف بأفعال الله الجارية بأقداره في خلقه على كمال العلم والقدرة والحكمة والتدبير، سبحانه وهو اللطيف الخبير، قال الله عز وجل: “وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَٰذَا ٱلْقُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍۢ ۚ وَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ أَكْثَرَ شَىْءٍۢ جَدَلًا”، والله جل قدره وعز سلطانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، “أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ”، وهو يقضي ولا راد لقضائه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال.

وتابع: ولو عذب الله أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، “وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا”، وما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، قال الله عز وجل: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”، والبلاء ينزل فلا يصيب الظالمين خاصة، ثم يبعث الناس على نياتهم، فتقريب وتعذيب واصطفاء واتخاذ للشهداء وإهلاك للبعداء، وهو القوي العزيز الحكيم الخبير، وقد يبتلي الأبرار ويؤخر الفجار ليوم تشخص فيه الأبصار، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

وقال: إنكم في صوابة الشهر الأصب شهر الله الحرام رجب، مفتاح أشهر الخير والبركة، فتوريق شجرة العام في رجب، وفي شعبان تفريعها، والقطف في رمضان، والمؤمنون قطافها ثم يكون الاستعداد للسرى إلى أم القرى لمن استطاع إلى البيت سبيلا، والقلب روضة لا نماء لثمارها إلا بصفاء السقيا، وتطهير المرعى والسقيا الاستغفار والتطهير التوبة، فجدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها في هذه الأيام بالاستغفار، وبمن ضيع عمره أن يغتنمها بقيام الأسحار، وصيام النهار، ومن اجتنب الحرام كان أعبد الناس فأقبلوا بقلوبكم على ربكم وتقربوا إليه بتوبتكم وتحببوا إليه بأوبتكم ولا تظلموا أنفسكم بارتكاب المنهيات أو الزهد في الطاعات والواجبات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *