حديث المؤلفين

يوسف العارف ؛ كأنما ورث من التاريخ ذاكرة الإسم والرؤيا : صيغة من جمال الأخلاق وفطنة البصيرة ، وتلاوة مكية ، ورقية فقيه .

هو ليس أديبا ومؤرخا وناقدا وباحثا وإداريا ومربيا فقط ، هو موسوعي الثقافة وانتصار للنور كالصباح .

تلقاه في بيته كما في الشارع يفتح صدرك بقبوله ، ويبذر الإنشراح ؛ كأنك العائد من اغتراب ، أو شفيت من مرض : ويسألك ( وينك ) وكنت بالأمس معه – كأنه يحسب الأيام سنينا !!!!

كلنا قرويون : محمد ويوسف ومبارك = نصغي للمذيعة ، ونحفظ حكايا غالية البقمية وشهيرات نجد ، والمترفات من سيدات الحجاز ، ونحفظ أشعار بديوي الوقداني والسلف من الراحلين ، ونقرأ الفاتحة على ضحايا الحرب والعشق .

في بطون أقدامنا غرز الممشى ، وعلى أعقابها أختام الحفاة .

تباركت الأسماء : كنا زملاء في الدراسات العليا – مرحلة الماجستير – وزملاء مهنه . نتقاسم الأمل والنوايا . لم نفترق ؛ وإن حسدتنا الأمكنه … ونازعنا فارق التوقيت . جمعتنا الكتابة – تلك الغواية المتوحشة – وآلف بيننا التخصص والهواية .

صدرت مجموعتي القصصية الأولى = العقل لايكفي ( ١٤٠٢ – ١٩٨٢ ) وكانت فاتحة القص – العودة إلى الصحراء – ٢٥ رجب ١٣٩٢ بالصفحة الثقافية بجريدة المدينه – قبل ملحق الأربعاء الذي وسع للمدينة حدود الإنتشار ، واستقطب حديثي الولادة والمخضرمين من أهل الكتاب!!!

وبناء عليه – وحسب الممسكات السالفة والتابعة ؛ فأنا شيخ المؤلفين بمحافظة خليص ، أو ؛ إن تواضعت = الخليفة الثاني في دولة الكتابة ( وقد آذنت لك بالإبتسام ) وقدم الدكتور مبارك ( يرحمه الله ) جهودا مباركة سد بها بعض الثغرات في تاريخ المحافظة ؛ ذلك التاريخ الذي لم يحظ إلا بالنزر اليسير المبثوث في الكتب ، لكن مشروع الدكتور مبارك امتداد لمشروع الشيخ عاتق البلادي والدكتور فايز البدراني ، ولم يقدم قراءة جديدة .

في ذلك الزمن الملتبس : قدم يوسف العارف من أقصى المدينة إلى المدينة !!! كانت السنين سمان ، والمشهد الثقافي بجده – على مستوى السرد والشعر – عنيفا . تقوده قافلة من الرموز ، سجلوا حضورا محليا واقليميا فارها ومترفا ومؤثرا .

كان العارف قد تنقل – رأسيا – بين عدة مناصب في فلك التعليم ومحاور التربية والإدارة داخل المملكة وخارجها .

وألف ونشر ، واتسعت مداركه وتوثقت مرجعياته المعرفية . وكأنما كان الوسيط بين ( المحافظين والحداثيين ) تبنى قراءة متوازنه ، وشرعن لمفهوم ( القابلية المتجددة ) قال الشعر ، وكتب فيه ، وقدم نصوصا تاريخية فارقة ، وابتكر معالجة نقدية لقراءة الأجناس الأدبية : صالحت بين القراءات المتحاربة ، و زاوجت بين المؤتلف والمختلف بعيدا عن النسق الهامشي والمنبوذ ، والمعمى ، ونظرية المتعة والتسلية . يوسف العارف : جامعة بها كل التخصصات .

تشرفت بتقديم أخي الدكتور مبارك بتقديم كتابي ( سيرة الشيخ حسن بن عبدالصمد ) وتشرفت بتقديم أخي الدكتور يوسف لكتابي ( رجال وظوامر ) ولم تخلو مؤلفات الأخوين من الإشارة لشخصي ( أنا ) ألذي لم أغادر ذاكرة الرجلين . رحل مبارك وبقي يتنفس في مدونات التاريخ والصحائف المطوية في صدور الرجال ” كل القصص التي كتبتها كنت أنتظر نهاياتها ؛ إلا قصتك التي انتهت قبل أن أكملها ” رحل مبارك – يرحمه الله – وبقيت أنا وكبيرنا الذي علمنا السحر !!! نجمع أغراضنا استعداداً للرحيل …

محمد علي الشيخ

مقالات سابقة للكاتب

8 تعليق على “حديث المؤلفين

د. ناصر سليم الحميدي

لقد صدقت أخي الكريم فيما قلته عن الدكتور يوسف العارف، فهو بحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف، والعلم والتواضع ساحله…
ورحم الله من ذكرت، ونفع الله بمن بقي…

أحمد بن مهنا

شيخ المؤلفين بحق ، نثرت بعضا من المداد المتجدد ، له لون مختلف كثيرا عما سبق في صفحات غراس، فالجنس واحد لكن الاختلاف النوعي شاسع ، كأن له شذى ! كأنه يلمع !
ما أمتعه ! ذكي مدهش .

متعك الله بالصحة والعافية أبا سامي

متابع ..

ما أروع ماكتبت أديبنا الفاضل !!! .. بل انها ليلة ماطرة اثريت بها ذائقة المتابعين بما سطرته من أحاديث وأئتلاف يدعو للفخر بالقامات الأدبية التي هي جزء لا يتجزأ من تاريخ المحافظة …
ليت أمثالكم يكثرون التواجد لينهل ألجيل ويرتقي الفكر والأدب …

أبو عبدالله

مقال ماتع من كاتب لامع لشخصية أدبية للإبداع سامع

عبد المعين الشيخ أبو ثامر

مقال مميز من كاتب متميز في مقالات حفظك الله أبا سامي

أبو عابد

مقال متميز من كاتب متمكن
نتطلع للمزيد من هذه المقالات الماتعة
حفظكم الله واطال في عمركم

ابراهيم الشيخ ابو عاطي

ممتع ابا سامي ظهورك انت ومن ذكرت كم يحتاج هذا الجيل الى ريشة القلم التي انقرضت بأسنان الماوس جميل ان يتعرف هذا الجيل الى قيمة التأليف ورجاله التي غابت من عقود

عبدالرحيم مساعد المغربي

أنا من المستمتعين كثيرا بما تكتب أبا سامي .
ومن المعجبين بأسلوب كتاباتك وطريقة تفكيرك . رغم أنني لا أفهم بعض معاني كتاباتك .متعك الله بالصحة والعافية أنت ورفيق دربك الدكتور يوسف العارف ورحم الله الدكتور مبارك المعبدي رحمة واسعة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *