﴿إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ﴾
لعلَّ هذه الآية الكريمة تمنحنا دَفْقَاً من التأملات السابرة لمعرفة:
ما الفرق بين الخوف والخشية؟
ما أدوات الخشية؟
كيف يخدعنا الخوف؟
وكيف تمنحنا الخشية سُبْل الهداية والرَّشاد؟
ثَمَّةَ أسئلةٍ تملأ سهم الإجابات،
وتُديّرُ بوصلتها في كُلّ الاتجاهات.
فعبر المعرفة الواعية يعرف الإنسان خالقه، وبالحُبِّ يصبح ربانياً.
فالمعرفة هي الانضباط الروحي، والحُبُّ هو التَّحقُّق.
ومن خلال الاستنارة تحدثُ تلك المعرفة التي تتولُّدُ منها الخشية، ويتوارى الجهل ويختفي حين تبزغ الاستنارة.
فالعلم الشرعي يورث صاحبه الخشية، والخشية تورث التذكّر والاعتبار، ولن يعتبر من لا يخشى، ولن يخشى من لا يعلم، وبقدر العلم تحصل الخشية.
والخشية هي الخوف المقرون بالعلم، فإن لم يكن علم؛ فهو خوف مجرد، وهذا هو الفرق بين الخشية والخوف.
فالفرق بينهما، أن الخشية تصدر عن العلم، وأما الخوف، فهو خوف مجرد ذعر يحصل للإنسان ولو بلا علم؛ ولهذا قد يخاف الإنسان من شيء يتوهمه، فقد يرى في الليلة الظلماء شبحاً لا حقيقة له؛ فيخاف منه؛ فهذا ذعر مبني على وهم، لكن الخشية تكون بالعلم والمعرفة الواعية.
يقول ابن القيم:
(وقوله تعالى:
{إنما يخشى الله من عباده العلماء}
يقتضي الحصر من الطرفين:
أي لا يخشاه إلا العلماء، ولا يكون عالماً إلا من يخشاه.
فلا يخشاه إلا عالم، وما من عالم إلا وهو يخشاه، فإذا انتفى العلم؛ انتفت الخشية، وإذا انتفت الخشية؛ دلت على انتفاء العلم)
إنَّ خشية الله تكون بمقدار معرفته، فمن عرف الله حقّ معرفته؛ خافه وخشاه حق خشيته سبحانه وتعالى.
فسبحان من يهب المعاني ويمنعها.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي