ثَمَّةَ أسئلةٍ تَشرعُ في النيل من عقولنا، ونهْشّ جسد أفكارنا، نحو:
هل لدينا القدرة أن نقول شكراً لظروفنا الصَّعبة التي نمرُّ بها؟
هل بإمكان قلوبنا أن تنطق الحمد، وتصدحُ به في فضاءٍ يَعُجُّ بالاضطراب، ويزدحمُ بالألم؟
ربما حَدَثَ أمرٌ معين كُنَّا نتمنى عدم حدوثه، ولكنه حدث.
وعندها، أيهما أسهل في التغيير:
رأْينا وتصورنا، أو الحدث الذي وقع؟
إنه يمكن حمْل النفس على شكْر ما يحدث لنا وحمده؛ إذا امتلكنا فضيلتين:
فضيلة الرؤية الشاملة لما حدث، وفضيلة الامتنان.
فبدون حِسّ الامتنان؛ لا فائدة من الرؤية الشاملة، وبدون الرؤية؛ لا جدوى من الامتنان.
فإذا امتلكَ الإنسان هاتين الفضيلتين؛ فمن السهل عليه حينها أنْ يشكر الظروف بما حملت رياحها إليه حتى وإنْ كانت خلاف ما يريد.
إنَّ في ديننا الإسلامي الحنيف ما يدل على ذلك، فقد ورد في فقه الأدعية والأذكار (232/1):
“في الجنة بيتٌ يقال له: بيتُ الحَمْد،
خُصَّ للذين يحمدون الله في السّراء والضراء، ويصبرون على مُرّ القضاء”
ولعلَّ هذا القول- ونحوه، إضافةً إلى إدراكنا بأنَّ كل شعور يداهمنا، وأي حدثٍ يقيم في ربوع أيامنا له مدة زمنية محددة يقضيها، ثم يبدأ في خفْض تأثيره علينا، وتأثُّرنا به- ما يمنح أرواحنا دَفْقاً من الرضى والتسليم عند حدوث مكروه، ويسكب في أوردة قلوبنا نفحاتٍ من السكينة والطمأنينة، ويمدُّ لعقولنا سبيلاً مِنْ رباطة الجأش، وجسارةٍ نفسية؛ لعبور ما نكره إلى ما لا نكره.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي