في الوقت الذي تهتم فيه المدن و المحافظات بآثارها التاريخية و تعيد ترميمها و تحافظ عليها من العبث و تبرزها كمعالم تاريخية تفتخر بها ، تعمل محافظة خليص ( ممثلة في بعض دوائرها الحكومية ) على النقيض من ذلك ، فهي لم تهتم بها يوماً من الأيام و لم تعرها أي اهتمام؛ بل بلغ بها التمادي إلى الصمت أمام العبث بمعْلَم من أهم المعالم التاريخية؛ ألا وهو [ جبل جُمْدَانُ ] ..
و من منا لا يعرف جبل جُمْدَانُ ؟! و من منا لم يقرأ حديث المصطفى صلى الله عليه و سلم إذ يقول و هو يمر بجوار الجبل : ” سيروا ، هذا جُمْدان ، سبق المفردون “، قالوا : و ما المفردون ؟ يا رسول الله ! قال : ” الذاكرون الله كثيرًا و الذاكرات” .. [ رواه مسلم ] ..
هذا المَعلم تحول اليوم بفعل فاعل إلى ممراً لخطوط نقل الكهرباء و شقت الطرق فيه ، بالإضافة إلى أن الجزء الجنوبي منه الواقع [ أمام حي السلام ] أصبح مرتعاً لمقاولي الكسارات و تجار الخرسانة ، الذين تهافتوا عليه ينحتون منه فـ – يتهاوى الجبل و يتعرض للزوال – يوماً بعد يوم جراء تلك الكسارات التي عاثت به هدماً و قريباً لن يتبقى منه شيء .
و إلى جانب ذلك يبقى [ صوت المواطن ] يصرخ من جراء الغبار و الأتربة التي تنبعث من تلك الكسارات مع قدوم أول رياح من الناحية الغربية؛ خاصة و أن هذه المنطقة تقع وسط أحياء مأهولة بالسكان ، فهناك من الشرق “حي السلام” و “بن فازع” ، و من الشمال الشرقي “حي الدف” ، و من الغرب “مخطط الملك فهد” و “جامعة جدة فرع خليص” .. فكم يعاني سكان تلك الأحياء من الأمراض الصدرية و ضيق التنفس على إثر وجود تلك الكسارات التي تعمل على قدم و ساق !! ، و على الرغم من قدوم بعض اللجان لمعاينة المنطقة بعد أن تحدث السكان و رفعوا برقيات إلى المسؤولين؛ إلا أن الوضع بقي كما هو عليه .
صحيفة غران الإلكترونية تواصلت مع عدد من المواطنين الراغبين في إيصال صوتهم إلى الجهات المعنية بهذا الأمر ؛ حيث قالوا :
– الأستاذ أحمد بن حميد الصحفي ( مشرف الإدارة المدرسية سابقاً ) و أحد سكان حي الدف ، الذي أبدى تعجبه من وجود كسارات بهذا العدد داخل الأحياء السكنية ؛ كما أعرب عن أسفه و حزنه لما يتعرض له المعلم التاريخي [ جبل جُمْدَانُ ] من اعتداء و إزالة لبعض أجزاءه .
– الشيخ حسن سلطان الصبحي ( أحد سكان حي السلام ) ، أكد لنا أن إزالة الجبال الغربية لحي السلام و العبث الذي يحصل بها الآن له أضراراً صحية و بيئية بالغة على سكان الأحياء المجاورة؛ لما تسببه من أمراض صدرية و ضيق بالتنفس ، مؤكداً أن الأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم كلما توسع عمل تلك الكسارات في الجبال ، كما ذكر أنه طالب سابقاً و نبه لخطورة الوضع إلا أنه لم يحدث جديد.
– الأستاذ حميد محمد الشابحي قال : “المسؤولية أمانة و الأمانة مسؤولية .. فعن أبي سعيد بن سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) .. [ حديث حسن ] ..
أخي المسؤول .. محافظة خليص و كل من يسكنها أمانة في عنقك تُسأل عنه يوم القيامة ، و للعلم و الفائدة فإن مخططات الدف متضررة جداً من الكسارات التي تمطر سكان الأحياء بالغبار صباحاً و مساءً ، و الجميع يعلم النتائج الكارثية التي سوف تكون من نصيب المواطن؛ فالمواطن صغيراً كان أو كبيراً سوف تتعرض صحتة لأمراض متعددة و خاصة الأمراض الصدرية ، كما أن العلاج يكلف الدولة أموالاً طائلة؛ إذاً أيها المسؤول هذا هو الضرر بعينه؛ و نحن هنا نطالب المسؤول برفع الضرر سريعاً.
– الأستاذ إيهاب الصحفي قال : تفاجأنا دون سابق معرفة نحن سكان حي الدف المجاور لجبل جُمْدَانُ بتواجد معدات لشق الطرق في الجبل ، و عندما تساءلنا حول ذلك علمنا أنها من أجل مد أعمدة خاصة بشركة الكهرباء ، و لكن السؤال المؤلم هنا .. ألا يعلم هؤلاء مكانة هذا الجبل لدى محافظتنا و مكانته التاريخية المرتبطة بحديث نبينا صلى الله عليه و سلم ، و بتوجه ولاة أمرنا للمحافظة على الآثار و عدم المساس بها ؟!!