في أغلب الأحيان لا يكون أكبر تهديد على الإنسان مرئياً، بل يكون الخوف مُتوارِياً الذي يسكن جوارحه، ويقيم بداخله.
وهذا الخوف يمكنه أن يدفع أشجع القوم على سلوك الطريق المعتاد، وهو تَجنُّب المجازفة، والركون إلى ما اطمأن إليه، والاستعداد لحماية الأمان الذي يعتقد أنه يتمتع به.
والإنسان الذي يعيش في بيئة آمنة عاطفياً؛ يسمح بوجود هامش للخطأ، وأن وقوع الأخطاء لا يكون سبباً لانهيار صاحبه، بل يصبح الفشل مُعلِّمَاً نبيلاً يدرك من خلاله أموراً لم يكن ليتعلَّمها لو لم يجازف بتجربة جديدة خلاف ما اعتاد عليه، بل ويكتسب من خلاله شجاعةً لخوض تجارب حياتية جديدة.
إنَّ افتقارنا للتَّحلِّي بالشجاعة الكافية يجعلنا نبتعد عن مراكز اتخاذ القرار بشأن إنشاء ثقافة الشجاعة؛ بسبب أننا نصرف كل انتباهنا لمواضع الفشل.
إنه كلما ازداد الانتباه الذي نُوُّلِيه لما قد نفشل فيه؛ تضاءلتْ مساحة الانتباه التي نُبْقيها للأشياء التي قد ننجح فيها.
ولكي تَبْني ثقافة الشجاعة بداخلك؛ عليك أن تدرك أن الشجاعة لا تضمن النجاح بالضرورة، إلَّا أنها دائماً تسبقه، كذلك يمكنك معالجة أدران تفكير وضعك الراهن، ومن ثم حَمْل نفسك على الشعور بالأمان للمخاطرة والمجازفة بما هو ممكن، والتفكير بشكلٍ موضوعي وواقعي في تدبير شؤون حياتك.
وهذا البناء لا يتحقق بين عشيةٍ وضحاها، بل يستغرق وقتاً، ويتطلب صبراً ومثابرةً،وشجاعةً واعية، وأخْذ البناء على عدة مراحل، وليس دفعة واحدة، شأنه شأن الرياضي الذي يبدأ في رفْع أوزان خفيفة في برنامجه التدريبي، ويتدرج وفق خطةٍ مُزمّنةٍ؛ حتى يصل إلى الوزن المراد رفْعه.
وينطبق هذا المثل على بناء عضلات الشجاعة لديك، حيث يمكنك اتخاذ خطوات صغيرة تتسم بالجرأة والشجاعة وصولاً إلى قراراتٍ جوهرية يمكنها أنْ تُكْسبك تغييراً إيجابياً في حياتك.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي