يميل الإنسان بطبعه إلى حياةٍ ذات دَعةٍ وراحةٍ، لا مشقة فيها تُنَغصُّ عليه صفو حياته.
ومن أمثلة ذلك، أن يتنعمَ بحياةٍ رغيدة؛ يجد فيها كل متطلباته متوفرة لا تبتعد عنه مسافة زمنية سوى أنه يطلب ما يرغب من مأْكلٍ أو مشرب.
ويبقى هذا الميل إلى عيْش الدَّعة أمراً يصعب توفُّره لكثير من الناس، ويكون أقرب ما يمكن وصفه بالنُّدرة؛ لقلة تحقُّقه، والحصول عليه.
إنَّ كينونة الحياة تفرض علينا التعامل معها وفق ما خُلقتْ عليه، وفي هذا حكمة عظيمة لا تخفى على أولي الألباب.
وبين عيْش حياةٍ مُتْرَفة، وعيْش حياةٍ ذات نَصَبٍ؛ يكون الإنسان توُّاقاً إلى ما يفتقده، زاهداً فيما يمتلكه؛ فتجد ذلك المُتْرَف يسعى جاهداً لتغيير نمط حياته، عبر الاعتماد على نفسه تارةً، وتجريب أشياء جديدة لم يعتد عليها.
في حين تجد ذلك المسحوق في حياته، يرغب في خوض تجربة هانئة؛ لعلَّها تُنسيه بعض الشقاء الذي يعيشه.
ويمكننا استحضار حالتي الذَّهاب إلى مقهى حديث، أو المرور بعربة على قارعة الطريق تبيع شاهي جمر؛ للدلالة على هاتين الحالتين.
ويمكننا النَّفاذ إلى قلب هذه الدلالة عبر إدراك أن العقبات التي نواجهها في حياتنا ما هي إلَّا اختبار حقيقي لمدى تحلينا بالشجاعة والجسارة النفسية اللازمة، وبتجاوزها يزيد رصيد ثقتنا بأنفسنا، وبالتالي نصل إلى درجة جيدة من تقدير ذواتنا؛ مما يمنحنا المزيد من الوقود لمواصلة مسيرة الحياة.
ومن الدلالات أيضاً التي يمكن استخلاصها، أنَّ ذلك المُتْرَف يصل إلى مرحلةٍ من عمره، أن يخلق لنفسه صعوباتٍ، ومن ثم يعمل على تجاوزها،بالرغم من توفُّر لديه كل ما يريد.
إنَّ الرمزية التي تكمن في مروره على تلك العربة التي تبيع شاهي جمر،تكون في ضرورة بذْل الجهد، والسعي دوماً للوصول إلى أهدافنا، بالرغم من ما قد يلحق بنا من رائحة احتراق الحطب، والدخان الذي يعلو رؤوسنا.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي