“عُكاشة بن مِحْصن بن الأسديّ“
هو عُكاشة بن مِحْصن بن الأسديّ من حلفاء بني أميّة، يكنى أبا محصن، من مشاهير الصحابة السابقين الأولين،
شهد بدرًا وأَبلى فيها بلاءً حسنًا، وانكسر في يده سيف، فأَعطاه رسولُ الله عُرْجُونًا أَو: عودًا، فعاد في يده سيفًا يومئذ شديد المتن، أَبيض الحديدة، فقاتل به حتى فتح الله عز وجل على رسوله و شهد أيضًا أُحُدًا والخندق والمشاهد كلّها مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .
بشره رسول الله بدخول الجنة بدون حساب ولا سابقة عذاب، وهو على قيد الحياة، فقد روى حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زرِّ، عن ابن مسعود أَنَّ رسول الله قال:
” عرضت علي الأمم بالموسم، فراثت علي أمتي، ثم رأيتهم فأعجبتني كثرتهم قد ملئوا السهل والجبل، فقال: يا محمد، أرضيت! قلت: نعم يا رب. قال: فإن لك مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ،فقال عكاشة بن محصن: يا رسول الله، ادْعُ الله أَنْ يجعلني منهم: فقال: أَنْتَ مِنْهُمْ ، ودعا له. فقام رجل آخر، فقال: يا رسول الله، ادْعُ الله أَنْ يجعلني منهم. فقال: “سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ” ” .
مات رضي الله عنه شهيداً في حروب الردة في خلافة أبي بكر في السنة الحادية عشر للهجرة والمشهد هو انه خرج خالد بن الوليد على النّاس يعترضهم في الرّدّة، فكلّما سمع أذانًا للوقت كفّ وإذا لم يسمع أذانًا أغار ، فلمّا دنا خالد من طليحة وأصحابه بعث عُكّاشةَ بن محصن وثابتَ بن أقر مطليعةً أمامه يَأتيانه بالخبر، وكانا فارسين، عكّاشة على فرس له يقال له الرّزام وثابت على فرس له يقال له المحبّر، فلقيا طليحة وأخاه سَلَمَة بن خويلد طليعةً لمن وراءهما من النّاس، فانفرد طليحةُ بعكّاشة وسلمة بثابت، فلم يَلْبَثْ سلمة أن قَتَلَ ثابت بن أقرم فصرخ طليحة لسلمة: أعنّي على الرجل فإنّه قاتلي، فكَرّ سلمةٌ على عُكّاشة فقتلاه جميعًا، ثمّ كرّا راجعين إلى من وراءهما من النّاس فأخبراهم، فسُرّ عُيَيْنَةُ بن حِصْن، وكان مع طليحة، وكان قد خلّفه على عسكره، وقال: هذا الظّفَرُ. وأقبل خالد بن الوليد ومعه المسلمون فلم يَرُعْهم إلا ثابت بن أقرم قتيلًا تَطؤه المَطيّ، فعظُمَ ذلك على المسلمين، ثمّ لم يسيروا إلا يسيرًا حتّى وطئوا عكّاشة قتيلًا، فثقل القومُ على المطيّ كما وصف واصفهم حتّى ما تكاد المطيّ ترفع أخفافها.
قال : أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عبد الملك بن سليمان عن ضَمْرة بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن عن أبي واقد اللّيثيّ قال : كنا نحن المقدّمة مائتي فارس وعلينا زيد بن الخطاب، وكان ثابت بن أقرم وعُكّاشة بن محصن أمامنا، فلمّا مرَرْنا بهما سيءَ بنا، وخالد والمسلمون وراءنا بعدُ، فوقفنا عليهما حتّى طلع خالد يسيرًا فأمَرَنَا فحَفَرْنا لهما ودفنّاهما بدمائهما وثيابهما، ولقد وجدنا بعكّاشة جراحاتٍ وكأنه قد مُثٌل به .