تزامُنًا مع #معرض_الرياض_الدولي_للكتاب2023 وبعد إطلاق شعار اليوم الوطني الجديد #نحلم_ونحقق الذي لا يقل ذهولًا عن سالفه #همة_حتى_القمة ، والتي تؤكد جملةً وتفصيلًا مدى واقعية #رؤية_2030 حيث تضمنت تبنِّي المهارات الثقافية والنتاج الإبداعي.
نحظى اليوم كشباب واعدين بدعم لم نحظَ به من قبل؛ حيث أن الفن والثقافة -بدورهما وجهين لعملة واحدة- لم يكونا محط اهتمام كبير عندما كانت الثقافة تابعةً للإعلام، فعندما استقلت تشعّبت وحَظِيَت باهتمام بالغ، وتوجيه رشيد، وتوزيع دقيق، كما حظي الإعلام بتركيز أكبر على دوره الأساسي بشأن الأخبار ونقل المستجدات بكافة الوسائل، وأدّى على أكمل وجه دوره الأهم في هذا الجانب (الذي لم يَكُن لِيَكُن لولا استقلال الإعلام بذاته) في تبليغ الرؤية ومتابعة تحقيقها محليًا وعالميًا، فضلًا عن دوره الأساسي في التوجيه السياسي ومراسم الملكية، والأوامر السامية وعمومية الأخبار.
إن تشعبات وزارة الثقافة الحالية فتحت آفاقًا لم تكُن لِتُرى من قبل، فعلى سبيل المثال: ما من ممثلٍ أعتقد بتوظيف مهارته هذه إلا في إذاعة المدرسة عند تأدية المشاهد، وإلى هنا تتوقف الموهبة ويُجهَل الشغف، لكننا الآن نستقطب ثقافة المسرح بكافة أشكالها، (الأزياء، والنص المسرحي، وإدارة خشبة المسرح، فضلًا عن التمثيل بحد ذاته والتدريب)..
ومن ناحية أدبية فقد بدت المسميات أكثر دقةً من ذي قبل وأقوى صلةً بالثقافة الوطنية، فالقهوة العربية -سابِقًا- عندما تغيرت إلى (القهوة السعودية) بدت أكثر اتصالًا بالشعب وأقوى ارتباطًا بثقافته، وهنا يظهر جليًا تأصيل أحد شعارات اليوم الوطني السابقة #هي_لنا_دار .
وأما عن مجال التصوير الاحترافي، فلم يكُن يأمل حامِلو الكاميرات الاحترافية يومًا بلوغ ما هو فوق “التصوير الإعلاني” ، وبنقلةٍ نوعية بدا التصوير مطلوبًا وبمجالات مختلفة، فما كان لأحدٍ أن يكتشف مهارته في تصوير الأفلام -إلا قلة معدودة- قبل الاهتمام بالسينما على وجه العموم وعلى تخصيص التصوير فيها بشكلٍ دقيق.
كما أن الفنون الجميلة على اتساع نطاقها طفقت تُصنَّف تصنيفًا ذكيًا، فالرسم سابقًا كان هو المفهوم الأوليّ للفن دون غيره، وأما عن يومنا الحاليّ فالنحت، والحياكة، والنسيج والفخار، والأزياء كل منها جزء لا يتجزأ من الفنون الجميلة، بل وتنسدل منها قوائم فنية بأشكالها المتعددة ومجالاتها الدقيقة.
أما عن الطُّهاة، فما كان الطهي سوى حرفةٍ يومية لأرباب/ ربات البيوت، وبشكلٍ تدريجيّ نشأت الأسر المنتجة تحت أسماء مستعارة، إلى أن وصل الحال إلى مرحلةٍ غير متوقعة، وهو أن يُستقطَب الطهاة كفنّانين يشاركون في مسابقات الطهي وتمثيلًا للثقافة الوطنية لكل منطقة على حدة وللمملكة العربية السعودية بشكلٍ أعمّ.
لقد عومِلَت الثقافة في الآونة الأخيرة كحاجةٍ مستقلة لضمان جودة الحياة، على نقيضها في الأعوام المنصرمة فقد اعتُبِرَت مجالًا ترفيهيًا ثانويًا مصروفًا عنه النظر، بل -وفي بعض البيوت- تحت الحظر!
لكنها ما إن أُخِذَت بعين الاعتبار، وتم توزيعها بإتقانٍ بالغ، فالتزَم كلٌّ منها بدوره وبدأ يبحث في جذور الفن وتصنيفه فقد نهضت نهضةً لم تكُن لِتنهضَها في سنين ضوئية.
إن الجندي المجهول -وهو الأنجح على حدٍّ سواء- في هذه المعركة هو الإعلام، فأحد أهم عوامل الجذب الثقافي هي طريقة تسويقه لغير المهتمين به، فالتسويق لهذا النوع من الثقافات ما إن يَكُن بطريقة إعلامية مدروسة لكل من الشريحتين -المهتمة في المجال الثقافي والملولة منه- على حِدَا فسوف يحقق ما فوق المأمول، حيث تُعرَض للشريحة الثانية على شكل فعاليات ترفيهية وجانب استكشافي حديث!
لقد تمكن الإعلام الجديد من جذب الشريحة المهتمة (وهذا هو المتوقع) وغير المهتمة على حدٍّ سواء (والتي هي الفئة المستهدفة)، فقد بث في روح الأفراد حب التجربة، والتنقيب عن المهارة المعروضة بل واقتراح ما لم يُعرَض بعد!
فعندما كُرِّست الجهود الإعلامية على الأهداف الموضوعة، وركزت بشكل دقيق على الأدوار الرئيسية بدا الأمر أكثر إتقانًا وجودة، وصار الانضباط باللوائح المُدرَجة أسهل على صعيد الالتزام.
وعندما استقلت الثقافة بدورها سهّلت الربط بين المؤسسين المخضرمين والفنانين الصاعدين، فهذا الاندماج (السهل، الممتنع) يعزز النتاج الثقافيّ بشكل معاصرٍ مبتكر!
وعلى الرغم من أن الأمر في بادئته كان صعب الإنشاء؛ لكونه ليس مسبوقًا، وشاقَّ التصنيف، إلا أن العزيمة على تحقيق هذه الرؤية (بجانبها الثقافي) كان نصب العينين..
تؤكد مُحصِّلة كل هذه الجهود أن شعارنا #همة_حتى_القمة لم يكُن محض صدفة كاختيارٍ استباقي متبوعٍ بـ #نحلم_ونحقق ، حيث أن الهمة هي ما يخلق الوَلَع بالقمة، وهذا الولع ضاعف الأحلام وأخذ يضاعف أعدادها من ثم تحقيقها حُلمًا تلو حلم.
وبطريقةٍ أو بأخرى، فهذا يصحح سلوك الأفراد ويعزز انتهاجَ هذه العزيمة، التي ما كانت يومًا تؤدي إلى الهزيمة، ولا تزال في نماء، والتحقيق حدَّ السماء.
شيهانة الحجيري
مقالات سابقة للكاتب