هو النعمان بن مقرن المزني ابو عمرو صحابي جليل من صحابة رسول الله ، أمير قبيلة مزينة التي تسكن قريباً من المدينة ، كان يوم إسلامه يوما مشهودا وفتحا للإسلام اذ قال لقومه مرة يا قوم واللّهِ ما عَلِمْنا عن محمدٍ إِلاَّ خيراً، ولا سمعنا من دعوته إلا مرحمة وإحسانا وعدلا، فما بالنا نبطئ عنه، والناس إليه يسرعون؟! ثم أتبع يقول: أما أنا فقد عزمت على أن أغدو عليه إذا أصبحت، فمن شاء منكم أن يكون معي فليتجهز. قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه ومعه الهدايا معلناً إسلامهم جميعاً ففرحت المدينة أشد الفرح بهذا الخبر إِذ لم يسبِق لِبيت مِن بيوت العربِ أن أسلم منه أحد عَشَرَ أخاً من أبٍ واحد ومعهم أربع مائة فارِس.
حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال فيهم :{ ان للإيمان بيوتا و للنفاق بيوتا، وان بيـت بني مقرن من بيوت الايمان }.
وكان النعمان بطل معركة نهاوند يوم أن ندبه أمير المؤمنين عمر لهذه المهمة الجليلة إذ كتب إليه قائلاً: “فإنه قد بلغني أن جموعًا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند، فإذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبنصر الله بمن معك من المسلمين، ولا توطئهم وعرًا فتؤذيهم ولا تمنعهم حقًّا فتكفرهم ولا تدخلهم غيضة, فإن رجلاً من المسلمين أحب إلي من مائة ألف دينار والسلام عليكم”..
فسار النعمان بالجيش والتقى الجمعان، ودارت المعركة حتى ألجـأ المسلمون الفـرس إلى التحصـن فحاصروهم وطال الحصـار عدة أسابيع وفكر المسلمون في طريقة يستخرجون فيها الفرس من حصونهم لمناجزتهم، فبعثوا عليهم خيـلاً تقاتلهم بقيـادة القعقاع حتى إذا خرجـوا من خنادقهم تراجـع القعقاع فطمعوا وظنوا أن المسلمين قد هزموا، وكان النعمان قد أمـر جيش المسلمين ألا يقاتلوا حتى يأذن لهم وخاطبهم قائلاً: “إني مكبر ثلاثًا فإذا كبرت الثالثة فإني حامل فاحملوا، وإن قتلت فالأمر بعدي لحذيفة فإن قتل ففلان”, حتى عد سبعة آخرهم المغيرة، ثم دعا ربه قائلاً: “اللهم أعزز دينك وانصر عبادك واجعل النعمان أول شهيد اليوم، اللهم إني أسألك أن تقر عيني بفتح يكون فيه عز الإسلام واقبضني شهيدًا”..
فبكى الناس من شدة التأثر ودارت المعركة على مشارف نهاوند، وقاد النعمان المعركة بشجاعة نادرة وظفر بالشهادة التي كان يتمناها، وتحقق الفتح العظيم الذي طلبه من الله، فأخذ أخوه نعيم بن مقرن الراية وسلمها لحذيفة، فكتم أمر استشهاده حتى انتهت المعركة بنصر عظيم أسموه فتح الفتوح , وقدم السائب ابن الاقرع للمدينة بالكنوز و بالاخبار فقال له عمر ما وراءك يا سائب فقلت خير يا أمير المؤمنين فتح الله عليك بأعظم الفتح واستشهد قائدك النعمان بن مقرن رحمه الله فقال عمر إنا لله وإنا إليه راجعون قال ثم بكى فنشج حتى إني لأنظر إلى فروع منكبيه من فوق كتده قال فلما رأيت ما لقي قلت والله يا أمير المؤمنين ما أصيب بعده من رجل يعرف وجهه فقال المستضعفون من المسلمين لكن أكرمهم بالشهادة يعرف وجوههم وأنسابهم وما يصنعون بمعرفة عمر .