مصابيح الهدى (١٩) : أبو العاص بن الربيع رضي الله عنه

أبو العاص بن الربيع

هو أبو العاص  بن الربيع صحابي وصهر رسول الله، زوج ابنته زينب، وهو والد أمامة التي كان يحملها النبي في صلاته ووالد علي بن أبي العاص ، و أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد ، أسلم قبل صلح الحديبية بخمسة أشهر.
 
خرج في غزوة بدر مع المشركين ووقع في الأسر ، بعث أهل مكة في فداء أسراهم وبعثت زينب بنت رسول الله في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة رضي الله عنها أدخلتها بها على أبي العاص حين تزوجها ، فلما رآها رسول الله عرفها ورقّ لها رقّةً شديدة وقـال :(إن زينب بعثت بهذا المال لافتداء أبي العاص، فإن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا). فقالوا: “نعم، ونعمة عين يا رسول الله.”

غير أن النبي عليه الصلاة والسلام اشترط على أبي العاص قبل إطلاق سراحه أن يسير إليه ابنته زينب من غير إبطاء ، فما كاد أبو العاص يبلغ مكة حتى بادر إلى الوفاء بعهده.

فأمر زوجته بالاستعداد للرحيل، وأخبرها بأن رسل أبيها ينتظرونها غير بعيد عن مكة، وأعد لها زادها وراحلتها، وندب أخاه عمرو بن الربيع لمصاحبتها وتسليمها لمرافقيها يداً بيد.

تنكب عمرو بن الربيع قوسه، وحمل كنانته، وجعل زينب في هودجها، وخرج بها من مكة جهارًا نهارًا على مرأى من قريش، فهاج القوم وماجوا، ولحقوا بهما حتى أدركوهما غير بعيد، وروعوا زينب وأفزعوها ، عند ذلك وتر عمرو قوسه، ونثر كنانته بين يديه، وقال: “والله لا يدنو رجل منها إلا وضعت سمها في نحره”، وكان راميا لا يخطئ له سهم.
فأقبل عليه أبو سفيان بن حرب – وكان قد لحق بالقوم – وقال له: “يا بن أخي، كف عنا نبلك حتى نكلمك”، فكف عنهم، فقال له: “إنك لم تصب فيما صنعت فلقد خرجت بزينب علانية على رؤوس الناس، وعيوننا ترى وقد عرفت العرب جميعها أمر نكبتنا في “بدر”، وما أصابنا على يدي أبيها محمد ،فإذا خرجت بابنته علانية – كما فعلت – رمتنا القبائل بالجبن ووصفتنا بالهوان والذل، فارجع بها، واستبقها في بيت زوجها أياماً حتى إذا تحدث الناس بأننا رددناها فسلها من بين أظهرنا سراً ، وألحقها بأبيها، فما لنا بحبسها عنه حاجة” .

فرضي عمرو بذلك، وأعاد زينب إلى مكة ثم ما لبث أن أخرجها منها ليلاً بعد أيام معدودات، وأسلمها إلى رسل أبيها يداً بيد كما أوصاه أخوه ابو العاص .

قال المسور بن مخرمة: أثنى النبي على أبي العاص خيراً، وقال: حدّثني فصدقني، ووعدني فوفى لي، وقد وعد النبي أن يرجع إلى مكة بعد وقعة بدر فيبعث إليه ابنته، فوفى بوعده، وفارقها مع شدة حبه لها ، وكان من تجار قريش وأمنائهم ، ولما هاجر مسلما رد عليه النبي زوجته زينب بعد ستة أعوام على النكاح الأول واجتمع الشمل من جديد .

توفي سنة 12 هـ |  بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم  بسنة واحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *