نحتفي اليوم بذكرى يوم التأسيس لنسجل فخرنا واعتزازنا بتاريخنا العريق، وإرثنا الحضاري، وبطولات قادتنا الذين تصدُّوا للصعاب في سبيل وحدة هذا الوطن المعطاء.
ثلاثة قرون مضت منذ وضع الإمام محمد بن سعود اللبنات الأولى لهذه الدولة العظيمة عام 1727م، ولكنها تعلو وتتجذر في نفوسنا لنزداد معها حباً وولاء ووفاء وانتماء.
نستذكر في هذا اليوم المجيد تضحيات قادتنا وصبرهم وصمودهم وثباتهم في ظل ظروف الصراعات والاضطرابات والاحتراب والتمزق، وتناثر الشعث، وتنافر القلوب، الذي كان سائداً آنذاك، ليواجه هؤلاء الأبطال من الأئمة والملوك ذلك كله، ويسطروا بدمائهم صفحات الفداء، ويرسموا بعقولهم فصولاُ وأبواباً من معاني العطاء، ولينبثق من بين تلك الركامات نور الوحدة على أرض الدرعية، الذي جمع الشتات وألّف القلوب لتنطلق جميعاً في مسيرة البناء، بدءاً بالإمام محمد بن سعود، مروراً بالإمام تركي بن عبد الله، ووصولاً إلى الملك عبد العزيز يرحمه الله الذي أعلن توحيد المملكة عام 1932، ليمضي معها قطار التنمية وصولاً الى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين الذي مضت بلادنا من خلاله في مسيرتها نحو المستقبل باستراتيجية واضحة رسمت خارطتها رؤية المملكة 2030، لتصبح بلادنا معها بوصلة للرقي والازدهار في ظل التحولات الكبرى التي لامست مختلف جوانب الحياة، واضعة الإنسان أولاً في معادلتها التنموية، ولنمضي معها إلى عهد جديد من القوة والتمكين والبناء المستند الى مرتكزات القوة التي تتمتع بها بلادنا انطلاقاً من موقعها الاستراتيجي وعمقها العربي والديني، وقوتها الاقتصادية المتجذرة.
ولإعلاء قيمة الوفاء جاءت الموافقة الكريمة بتخصيص يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير كل عام لإحياء ذكرى تأسيس الدولة.
لقد شكّلت التجربة السعودية نموذجاً استثنائياً يرنو إليه العالم كله بتقدير وإعجاب، لما تحمله من معانٍ ودلالات قيمية وسمات فريدة، برز من بينها هذا الارتباط الوثيق بين الشعب وقادته، والثقة المتبادلة التي كانت عنواناً لتلك المسيرة، وثنائية الولاء والوفاء التي سرت في عروق أبناء هذه الأرض الطيبة، لتهدي للتاريخ قصصاً ملهمة في معاني الأصالة، ودلالات الثبات، وعزائم البناء والنماء، والاعتزاز بوحدتنا الوطنية.
إن يوم التأسيس هو شهادة للتاريخ أننا كنا وما زلنا أمة تزهو بجذورها وحضارتها، وأصالتها، وتمضي بثقة نحو نموها وازدهارها، وتترك بصمة في حاضرها ومستقبلها، لتصنع من خلالها أيقونة العز المحلقة فوق هام السحب.
وبهذه المناسبة يشرفني أن أرفع أسمى آيات التهاني لقيادتنا الحكيمة وللشعب السعودي الأصيل.. وكل عام ووطننا في تطور وتقدم ونماء.
المهندس/ سمير بن أحمد القرشي
عضو مجلس أدارة جمعية البر بجدة، رئيس اللجنة الإشرافية
مقالات سابقة للكاتب