أمنية العابدين العاملين … ومطلبُ السّائرين السّاعين …ومقصد الزّاهدين …. و حاجةُ المُبتلين المُضطرّين …
ليلةٌ اختصّها الخالق في تسمية سورة باسمها ، ووصف فضلها في قرآن يُتلى إلى يوم الدّين ، وحدّدت الأحاديث الشّريفة زمانها في الليالي الوتريّة من شهر رمضان من كلّ عام …
تحدّثت كتب الشّريعة عنها وأفاضت ، وإلى اليوم مازالت الأقلام ترتشف من أنوارها ..
وليس عن هذا نتحدث…!
وإنّما عن منظور المسلمين اليوم لليلة القَدر نتحدّث…
إذا نقّلت طَرفك في العالم الإسلاميّ اليوم ، تجد الكثير ممّا يُحزن القلب ، من التشرذم ، و الاغتراب عن الهويّة الإسلاميّة ، و التّقليد الأعمى لما تقدّمه الحضارة الغربيّة عبر وسائل الإعلام و وسائل التّواصل الإجتماعي ، والذي غالباً لايتناسب مع شريعتنا ، وشرقِنا وعُرفِنا فيه ..
ورغم كثرة الأوجاع و المشكلات المُستحدثة التي تتناوش الشّباب المسلم ، وترميه في لُججها ، فنجد العالم الإسلامي بقضّه وقضيضه ، يستقبل الثّلث الأخير من رمضان استقبالاً جديداً وكأنّ الشّهر في مطلعه….
فيستيقظ الخوف من الفراق والوداع من بين جنبينا ، وترانا ننتبه إلى قيمة اللحظة ، ونثمّن كل ثانية بها ،
تفتح المساجد أبوابها للمتهجّدين ، في الشرّق أو في الغرب تجدُ المعتكفين حجزوا أماكنهم ، والمتهجّدين نصبوا أقدامهم ، كلّهم يرجون الأجور والنّفحات والأعطيات قبل الفوت ..
ماأجمل العبوديّة لله ! وماألذّ مراقيها …
– أرأيت نفساً من ولد آدم تحبّ الخضوع والانكسار ؟ يستحيل ولو فعلت ذلك لكان عنوةً .
أمّا في الإسلام فللخضوع لأقدار الخالق في خلقه لذّة ، وللاستسلام للشّريعة سعادة ، و للسّجود بين يدي الخالق أحاديث طويلة لاتنتهي …
– في الثّلث الأخير من رمضان تحتشدُ الأماني ، وتتزاحم الدّعوات ، و تقام الصّلوات ، ويتسابق النّاس في أعمال البرّ والصّدقات ، علّها ليلة القدر …
يطرح النّاس أحوالهم همومهم وآلامهم وأقدار دنياهم بين يدي خالقهم ، وهو مقدّرها والأعلم بها ، ويرجون خير ماعنده ، كلّهم لهم مطلب العتق من النّار ،
– أمّا العُبّاد والزهّاد فلهم فوق ذلك أحوالٌ بين يدي خالقهم ، يرجون المراتب العالية ، والمراقي المشهودة .
– وأمّا العامّة فكلّهم فنّدوا أمنياتهم وحاجاتهم لهذه الليلة ، يأملون بجني ثمار الأعطيات في الرزق والولد و العمل و مصالح دنياهم …
ويرجون الأجور المضاعفة في عبادتهم … يتسابقون في القيام ، ويتنافسون في بذل الخير ، ويطيلون الدّعاء والذّكر …
– ماأجمل أحباب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، بعد أكثر من ألف وأربعمئة عام ، يأخذهم الغيب وشرائع السّماء ، من بهرجة عالمهم ، ويتزاحمون على موائد الآخرة ، ابتغاء وجه الله ، وطمعاً في فضله …
– فاللهمّ بلّغنا ليلة القدر .. وارزقنا فيها من فضلك … واجعلنا من عتقاء شهرك الفضيل ياربّ العالمين …
ريما أحمد المُقداد
مقالات سابقة للكاتب