مصابيح الهدى (28) : صهيب الرومي رضي الله عنه

صهيب بن سنان النمري الربعي

هو صهيب بن سنان النمري الربعي، صحابي من صحابة النبي محمد ، أسلم مبكراً في دار الأرقم وجهر بإسلامه ولقي في ذلك تعذيباً من قريش ، شهد جميع مشاهد وغزوات النبي محمد معه.

كان أبوه سنان بن مالك، أو عمه، عاملًا لكسرى على الأبلة في الموصل، ويقال كانوا في قرية على شط الفرات مما يلي الجزيرة والموصل فأغارت الروم عليهم فسبت صهيب وهو غلام صغير فلما كبر هرب من الرّق وحالف عبدالله ابن جدعان القرشي وأقام بمكة .

يقول عمار بن ياسر : لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله فيها ، فقلت له: ماذا تريد؟ فأجابني: ماذا تريد أنت؟ قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول.

قال: وأنا أريد ذلك.. فدخلنا على رسول الله فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا، ونحن مستخفيان فكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلاً.

أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربية صهيب: عندما هم الرسول عليه الصلاة والسلام بالهجرة، علم صهيب به، وكان من المفروض أن يكون ثالث الرسول عليه الصلاة والسلام وأبي بكر، ولكن أعاقه الكافرون، فسبقه الرسول عليه الصلاة والسلام وأبو بكر، وحين استطاع الانطلاق في الصحراء، أدركه قناصة قريش، فصاح فيهم: “يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجل، و أيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي، حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا إن شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني”..

فقبل المشركين المال وتركوه قائلين: أتيتنا صعلوكًا فقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك وبمالك ، فدلهم على ماله وانطلق إلى المدينة، فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم في قباء ، ولم يكد يراه النبي عليه السلام حتى ناداه متهللاً: “ربح البيع أبا يحيى.. ربح البيع أبا يحيى”، فقال: يا رسول الله، ما سبقني إليك أحدٌ، وما أخبرك إلا جبريل. فنزل فيه قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} .

يتحدث صهيب عن ولائه للإسلام فيقول: “لم يشهد رسول الله مشهدًا قط، إلا كنت حاضره، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضره، ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضره، ولا غزا غزاة قط، أول الزمان وآخره، إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله، وما خاف -المسلمون- أمامهم قط، إلا كنت أمامهم، ولا خافوا وراءهم، إلا كنت وراءهم، وما جعلت رسول الله بيني وبين العدو أبدًا حتى لقي ربه”.

توفي في المدينة المنورة ودفن بالبقيع شهر شوال سنة 38 هـ وقيل سنة 39 هـ ، وعمره آنذاك 70 وقيل 73 سنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *