سطر رئيس محكمة التنفيذ بجدة الدكتور علي بن مشرف الشهري ، قصيدة مؤلمة و كأنها رسالة مكتوبة بدماء الطهر و الحنان و الأمومة و التضحية ، تركتها الأم المغدورة على أيدي توأمها الشابين في عمر الثامنة عشرة بمدينة الرياض، فقال:
“خُذا حياتي اطْعنا قلبي انْحَرا جسَدي
فِداكُما أنا لو عُدْتُمْ إلى الرَّشَدِ
هنا اضْرِبا أوْقِفا نبْضي على عجَلٍ
وعالِجا حُرْقة الأحزان في كَبِدِي
يا توأماي خذا روحي التي شقيتْ
ما دام يُسعدُكم قتلي فذا سَعَدِي
قلبي أنا كان رهْناً في المدى لكما
ولم يزل لكما في السَّرمَد الأبَدي
يداي كانت لكم حِصْن الشرور فهل
ضاقتْ بكم أو قسَتْ يوماً على أحدِ
أمْ هل هتافي بكم خوف العدا خطأٌ
فلا انفككت إذنْ عن ذَلِك العَمَدِ
أفدي بلادي بروحي بالعيون بكم
مَنْ نحن لولا ثراك الفذ يا بلدي
قد باد كلُّ هوى في الصدر غير هوىً
يُدْني إلى قِبلة الأوطان لم يَبِدِ
من أجل عيْنيْكَ عاشت مهجتي فرحاً
كذاك من أجْلِها ماتتْ على كَمَدِ
خذلتماني بعد الشيب يا أسَفَا
كم كنت أرجوكما لو كنتُما سَنَدي
من أجل مَنْ بعْتُما أوطانَنا و لمَنْ
طعنتُما والداً معْ فلْذة الكَبِدِ
و مَنْ سعى من عِداة الدار بينكُمُ
فافْتَتُّما فيه أو فَتّيْتُما عَضُدي
مَنْ ثبَّت الحُجُب السوداء فانتزعتْ
ما في فؤادِكما من نور ذي سَدَدِ
ما عاب أقدس أرض في أعز يَدٍ
إلا ذووا الجهل و الأحقاد و الحَسَد
مَنْ استهان بإهراق الدماء فلا
أباتَه اللهُ إلا في ثرى لَحَدِ
جاهدتُ فيكم لكي تَحْيَوا على سَنَنٍ
وأنتما فيَّ جاهدتُم على النَّكَدِ
هيّا اطعنا بطن مَنْ حملتْكُما عُمُراً
وصدر مَنْ أرضعتْ يا حَسْرَة الولدِ
و قلب من ربّت ابنيْها على أمَلٍ
كانتْ تناغيهما كالطائر الغَرِدِ
يا حشرَجات المنايا كانت أُمنيتي
أن نلتقي دون غدر من يَدي بيدي
هيّا انحراني بساطوريْكُما فعسى
يَكُون نحرُكما لي آخر الجَلَدِ
أمَا قضى اللهُ بالإحسان ويلكما
فأحسِنا قتْلَتي في النوع والعدَدِ
تسْتدرجاني نحو الموت ويْحكما
يا ليتني لم أكنْ شيئاً ولم ألِدِ
يا ليتني متُّ قبل اليوم ليتَكما
يا أقرب الناس كُنتُم أبْعَد البُعُدِ ” .