الاستهلاك المظهري

في ظل التطور والتقدم المستمر على المجتمعات الذي أحدث تغيرات على البناء الاجتماعي سواء كانت تغيرات ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية ومن أبرز التغيرات هو تغير في نمط الحياة الاستهلاكي حيث أصبح الانسان لا يقتصر على نوع استهلاك واحد فحسب، بل إن تطور التكنولوجيا قد ساهم في ظهور أنواع جديدة من الاستهلاك المختلفة في كافة المجتمعات.

وهذا يستدعي الحديث عن أحد أنواع الاستهلاك وهو الاستهلاك المظهري وسنتناول أهم المفاهيم الأساسية لهذه الظاهرة ومن هي الفئة الأكثر عرضه لهذا النوع من الاستهلاك وماهي المشاكل التي قد يتسبب بها على عدد من المستويات كالمستوى الفردي والجماعي والمجتمعي.

وهنا يتساءل البعض ما هو الاستهلاك المظهري وما هي قصة ظهور هذا المصطلح؟

يأتي الحديث هنا عن هذا المصطلح الذي ظهر على يد عالم الاجتماع والاقتصادي ثورستين فيبلين في أواخر القرن 19 الميلادي حيث أشار بكتاب (نظرية الطبقة المترفة) أن الناس يشترون الأشياء الغالية جدا من دون احتياج فعلي لها وذلك بغرض التباهي والتفاخر ومجاراة الناس في أنماط استهلاكهم للبحث عن القبول والمكانة الاجتماعية (سعود،2022).

وحين نتحدث عن هذه الثقافة فإنها قد سيطرت على المجتمع وبخاصة فئة الشباب الذين يعتبرون الركيزة الاساسية في بناء كل مجتمع وهم الفئة الطموحة وإن عمليات الابداع لا حدود لها بالنسبة لهم، ولقد تشكلت ثقافة الاستهلاك لدى بعض الشباب منذ الصغر وذلك عن طريق الاسرة من خلال عمليات الشراء المتكررة لأغلى السلع وذلك لهدف اظهار حالة الفرد الاجتماعية وانه من اصحاب الطبقة العليا في المجتمع.

وتختلف الأسباب التي تؤدي إلى الاستهلاك المظهري من مجتمع الى آخر كما تختلف حسب الفئة الشبابية، فنجد أبرز الأسباب لدى فئة الشباب الذكور هي اشغال وقت الفراغ باي وسيلة ومنها القيام بعملية الشراء المتكررة لكل ما يخطر في ذهن الشاب من السيارات او الإلكترونيات، اما بالنسبة للإناث فتتمحور الأسباب حول مواكبة الموضة في المجتمع والرغبة في التقليد لما يشاهدونه عن طريق وسائل الاعلام.

وتنتج عن هذه الظاهرة بعض المشاكل على مستوى الفرد والاسرة والمجتمع، فعندما يسعى الفرد للحصول على الكماليات بدون حاجة لها فهو معرض للإفلاس، كما أن علاقاته الاجتماعية سوف تنهار وذلك لأنه يسعى للتفاخر بكل ما يملكه مما قد يجعل الناس يصفونه بالمغرور دائما.

اما من ناحية المشكلات من جانب الاسرة فقد تصاب بالعديد من المشكلات ومنها مشكلة الطلاق والتفكك الاسري وذلك بسبب عدم المقدرة المادية لدى الاب لشراء متطلبات ابنائه او عدم مقدرة الزوج لشراء متطلبات زوجته وذلك بسبب كثرة الكماليات دائما. وبالنسبة للجانب المجتمعي فإنه يتسبب في وقوع بعض الجرائم أشهرها جريمة السرقة وذلك بهدف الحصول على المال، بالإضافة إلى زيادة اسعار بعض السلع داخل الاسواق كالأجهزة الذكية ذات الاصدار الحديث والمتطور.

وبالتالي يستوجب ذكر العوامل التي تحد من ظاهرة الاستهلاك المظهري وذلك من خلال تنمية الاحساس بالمسؤولية لدى المستهلك والتمييز بين الضروري وبين السلع الكمالية وتعزيز ثقافة الادخار والوعي المالي من أجل الحد قدر الإمكان من ظاهرة الاستهلاك المظهري.

وفي الختام يمكن القول إن التباهي بالاستهلاك أصبح سمة مميزة لجيل الشباب. ينخرطون نحو الرغبة في التحقق الاجتماعي، والسعي للحصول على الخبرات والممتلكات لعرض صورة منسقة لأنفسهم. في حين أن هذا السلوك قد يكون له آثار سلبية على الاستهلاك المستدام، فمن الضروري فهم الأسباب للتعبير عن الذات الحقيقية.

منار آل مبارك

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *