لماذا نفشل في ارتداء ملابسنا المفضَّلة؟!

في عام 1997 أفاد مسحٌ نُشِر في مجلة “علم النفس اليوم” وذكرته الخبيرة الشهيرة نيكولا كوك في كتابها “ذاتك الجديدة” بأن 56% من النساء، و 40% من الرجال يُحرِّفون إدراكهم السلبي لصورة أجسامهم، فمثلاً، يعتقدون أنهم أكثر سمنة مما يكون عليه الأمر في الواقع.
فهؤلاء الأشخاص، ورغم أنهم يرون ما يراه كل شخص آخر، ويستقبلون نفس الإشارات التي يستقبلها الآخرون، إِلَّا أنهم يقومون بتحريف الصورة؛ حتى تتناسب مع مدركاتهم الذاتية، فهم يقومون باستخدام مُنقّح الصورة السلبية للجسم على أنفسهم، وإلى أنْ يتمكنوا من تغيير هذا المُنقّح؛ سيكون من الصعوبة البالغة إحداث تغييرات في عاداتهم التي تخدم أهدافهم على المدى البعيد.
وفي المقابل، من الممكن أيضاً أنْ يكون لدينا تحريفات -نظن أنها إيجابية- عندما نعتقد أن أوزان أجسامنا مناسبة، ثم نخفق في ارتداء الملابس المفضلة لدينا.
ولعلَّنا نفهم ذلك إذا علمنا أنَّ أنظمتنا العصبية، وخاصةً عقولنا، تُمطرنا بملايين الرسائل والإشارات، ومع ذلك تعمل عقولنا بطريقة أكثر سرعة مما نعتقد، فحتى نتمكن من فهْم العالم حولنا؛ يقوم المخ باستخدام ثلاث آليات تَكَيُّف تساعدنا على تحقيق النظام في حياتنا والتفاعل مع من حولنا.
فنحن نقوم بتصنيف الإشارات الداخلة من خلال:
* تجميع وتعميم المعلومات على نحو متواصل.
* تحريف المعلومات بقصد التحايل على الحقيقة؛ حتى تتناسب مع إدراكنا.
* إلغاء المعلومات من وعينا تماماً.
ونتيجةً لذلك؛ فأنت ترى عالمك من خلال عدة مُنقِّحات، ولكنك لا تعرف بوجود معظمها.
وهذا يعني أننا نُشَكِّل عالمنا، أو على الأقل إدراكنا لعالمنا؛ اعتماداً على المُنقِّحات التي نستخدمها.
ووفقاً لهذا المفهوم؛ يكون إدراكنا مُكَافِئاً لحقيقتنا، وخبرة حياتنا، ونوعية الحياة التي نعيشها.
وهذا بدوره يجعلنا أمام قضيةٍ وجودية تتامس مع فكرنا الذي يُوجّه بوصلة أفعالنا وتفاعلنا.
فهذا الحضور الكثيف لتلك المُنقِّحات في عقولنا؛ يتطلّبُ حضوراً موازياً لإزاحته عن المشهد عبر إدراك أن أفكارنا تظل مجرد أفكار قابلة للتوافق أو عدمه مع الواقع، وأن حضورها في عقولنا لا يغني من الواقع شيئاً.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *