الشغف، والاحتراف.. أيهما يأتي أولاً؟

غدتْ مفردة الشغف رائجة إلى حد الابتذال، فالثقافة السائدة لدينا تقول أن الشغف هو الشيء الجوهري، ويُعْزى له -في كثيرٍ من الأحيان- سبب النجاح والتميز، لكن هناك عامل أساسي لا يمكن تجاهله، أو تجاوزه، وهو عقلية الاحتراف التي توفّر للموظف الشعور بالسعادة والرضا عن وظيفته؛ لأنها تحقق له ثلاثة أمور:
أولها، التأثير والقيمة:
حيث يصبح للموظف أثراً إيجابياً على الزملاء والعملاء والمجتمع.
ثانيها، الإبداع والابتكار:
فعقلية الاحتراف تجعل الموظف يعمل على تطوير مهاراته وأسلوب عمله بشكلٍ مختلف عن الأساليب التقليدية.
ثالثها، التحكُّم والاستقلالية:
وهما ليسا بالشيء المطلق، لكن تُوفّر عقلية الاحتراف مقداراً ولو بسيطاً من التحكًّم والاستقلالية في عمله، فالهدف النهائي معروف لديه، وهو من يحدد طريق الوصول إليه.
في المقابل، فإن عقلية الشغف تفترض أن من حولك هو المسؤول عن منْحك الوظيفة، أو المنصب الذي تريده.
وبالتالي تجعلك هذه العقلية تركز على الجزء المفقود الذي لم تحصل عليه من وظيفتك، وهذا بدوره يُخفّض منسوب الرضا عن وظيفتك بدرجة كبيرة.
فعقلية الشغف تركز غالباً على جزء صغير جداً من إمكاناتك، فإذا اخترتَ وظيفتك بِناءً على شغفك، ولم تحقق لك التأثير، والإبداع، والاستقلالية؛ سينخفض أداء عملك وجودته، وتصل في نهاية المطاف إلى مرحلة الملل منه، وتؤديه بأدنى درجة من الإتقان.
في حين عندما تعمل وفق عقلية الاحتراف؛ يمكن لهذه العقلية أن تحقق لك ثلاثية (التأثير، والإبداع، والاستقلالية) والتي بدورها تُفْضي إلى حبك وشغفك لوظيفتك وعملك.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *