انطلقت في العاصمة البلجيكية بروكسل، الأربعاء، أول قمة من نوعها تجمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وقادة الاتحاد الأوروبي.
ويتشارك رئاسة القمة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بصفته رئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وتشهد القمة مشاركة أكثر من 30 رئيس دولة، ورئيس وزراء، كما يشارك في القمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وحث أمير قطر في كلمته، الدول الأوروبية على الاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس، داعياً إلى “دور أوروبي أكبر” في حل الدولتين.
وشدد كذلك، على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، وعبر عن تنديد دول مجلس التعاون الخليجي بالهجمات الإسرائيلية على قوات اليونيفيل في جنوب لبنان.
وأشار أمير قطر في كلمته إلى استمرار بلاده مع مصر في جهود الوساطة من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وثمن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمته الافتتاحية، الأربعاء، اعتماد الاتحاد الأوروبي للوثيقة المشتركة للشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج في عام 2022 وتعيين ممثل خاص لمنطقة الخليج، مشدداً على حرص مجلس التعاون الخليجي على تعزيز العلاقات في شتى المجالات.
وأضاف أن الشراكة الأوروبية الخليجية “متينة تجمعها المصالح المتبادلة”، معتبراً أن “مستقبل التعاون الخليجي الأوروبي واعد، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين دولنا 204.3 مليار دولار أميركي في عام 2022”.
كما شدد على العمل على تحفيز الاستثمارات وتبادل الخبرات ومكافحة تغير المناخ والحفاظ على البيئة.
من جانبها، عبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، عن التزام الاتحاد بمسار حل الدولتين، مشيرة إلى أن الحرب في أوكرانيا وغزة، تقوضان الأمن في أوروبا والشرق الأوسط.
التزام أوروبي بحل الدولتين
واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية، خلال كلمتها، أن القمة الخليجية الأوروبية “تمثل خطوة تاريخية واستراتيجية تعكس الثقة المتبادلة والشراكة الإيجابية”، مشددة على أن الأمن الأوروبي الخليجي “مصلحة مشتركة”.
وأضافت أنه “لا يمكن تحقيق طموحاتنا الاقتصادية دون أمن وسلام”.
واعتبرت فون دير لاين، في كلمتها، أن “الأوروبيين يدركون حجم الأخطار الأمنية التي يواجهها العالم، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، مع استمرار الحرب على غزة ولبنان، وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يدعم حل الدولتين، ويلتزم بهذا المسار للوصول إلى سلام دائم”.
“نقلات نوعية”
وفي كلمته أمام القمة، قال الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي إن هذه القمة “تعكس إدراك الجانبين لأهمية تعزيز العلاقات السياسة والاقتصادية بين مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي”.
وأضاف أن الاستثمارات المتبادلة بين الخليج والاتحاد الأوروبي تشهد “نقلات نوعية”، وتحمل الكثير من الإمكانيات، وفرص تعزيز التواصل، والتكامل.
وتابع: “التهديدات والتحديات التي تواجه عالمنا اليوم تتطلب استمرار التواصل والتشاور والعمل الجماعي، فالقمة تنعقد في وقت يعيش قطاع غزة تحت وطأة حرب تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية، ويدفع ثمنها المدنيون الفلسطينيون الأبرياء”.
وواصل: “نؤكد على موقف مجلس التعاون الداعي لضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والسماح بدخول فرق الإغاثة دون قيود، ورفض التهجير القسري للمدنيين في قطاع غزة، والضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني”.
بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، في كلمته، إن القمة ترسل رسالة للعالم بأننا “مستعدون لبناء استراتيجية متينة للقرن الحادي والعشرين، والعمل معاً للتصدي للتحديات العالمية”، وأضاف: “نريد مزيداً من الاستقرار والأمن، والاحترام للقانون الدولي”.
وتابع: “نتقاسم هدفاً مشتركاً وهو النهوض بالنمو والازدهار لمواطنينا، ونعمل معاً من أجل قضيتي الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، ونتقاسم المسؤولية المشتركية لحماية النظام العالمي، ونؤدي دوراً أساسياً في حل الصراعات، والتصدي لتغير المناخ، وحماية حقوق الإنسان”.
شراكة أوثق
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان، إن القمة تمثل فرصة للتكتل لتطوير شراكة أوثق مع مجلس التعاون الخليجي ودوله الأعضاء.
الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، أكد لوكالة الأنباء العمانية، أن أحد مساري هذه القمة يتعلق “بالقضايا الإقليمية والدولية، وينتهج خلالها مجلس التعاون الخليجي سياسة واضحة وجليّة، وترتكز على القانون الدولي، وتشجع لغة الحوار والدبلوماسية وتخفيف التصعيد في المناطق التي تشهد اضطرابات ونزاعات”.
وتستمر القمة بضع ساعات، وتشمل قضايا راهنة مرتبطة بالوضع في الشرق الأوسط والتأشيرات والتعاون التجاري والاحتباس الحراري، وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، يأمل الاتحاد الأوروبي أن تعمل القمة على تعزيز الدعم للسلطة الفلسطينية كخطوة نحو إنعاش حل الدولتين، وفق “يورونيوز”.
وقال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عشية الاجتماع: “رسالتنا واضحة: نحن مستعدون للعمل معاً بشكل متزايد في مواجهة التحديات المشتركة”.
وأوضح مسؤول في الاتحاد الأوروبي لـ”يورونيوز”، أن المنطقتين، الاتحاد الأوروبي والخليج، تؤيدان حل الدولتين، وتقدمان المزيد من الدعم للسلطة الفلسطينية.
وأضاف: “هذه قمة مهمة للاتحاد الأوروبي بشأن التجارة، ولنهج الاتحاد الأوروبي في دعم السلطة الفلسطينية”.
وكان الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الخليج لويجي دي مايو، أكد أهمية حضور الحرب الروسية الأوكرانية في مناقشات القمة المرتقبة، وهي قضية تمثل للجانب الأوروبي مصدر قلق من حرب تقع في محيطه الإقليمي كما هو حال التصعيد العسكري في المحيط الخليجي متمثلاً بأحداث الساحتين الفلسطينية واللبنانية والتصعيد الإسرائيلي الإيراني.
لطالما كانت للاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة علاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي الست، والتي تضم قطر والبحرين والإمارات والسعودية وعمان والكويت.
وكانت منطقة مجلس التعاون الخليجي، هي تاسع أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي في عام 2022 ومع وصول التجارة إلى 174 مليار يورو، وما يزال الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الثاني لمجلس التعاون الخليجي.
وبحسب الاتحاد الأوروبي، فإن 180 مليار يورو من أسهم الاستثمار الأوروبية هي في مجلس التعاون الخليجي بحسب إحصائيات صادرة في عام 2021، فيما ما تزال مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة متوقفة، ولكن هناك مساعي لإعادتها إلى المسار التفاوضي، امتثالاً لما تضمنته اتفاقية التعاون لعام 1989 من التزام الجانبين بالدخول في مفاوضات بشأنها، ولكن لم تستطع الكتلتين بعد من التوصل إلى اتفاق.
وتستند العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي إلى اتفاقية تعاون تم توقيعها في عام 1989، والتي تؤسس لحوار منتظم حول التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي في العلاقات الاقتصادية وتغير المناخ والطاقة والبيئة والبحث.
كما أسست اتفاقية التعاون مجلساً مشتركاً بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي على مستوى وزراء الخارجية، والذي يجتمع بانتظام. وخلال المجلس المشترك الذي عقد في بروكسل في فبراير 2022، أقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي برنامج تعاون مشترك للفترة 2022-2027، والذي تم تحديثه في أكتوبر 2023.